برنامج للتعلم المدمج وفق نموذج ريجلوث التوسعى لتنمية مهارات الاتصال والتحصيل المعرفى لدى طلاب الجامعة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية التربية - جامعة دمياط

المستخلص

برنامج للتعلم المدمج وفق نموذج ريجلوث التوسعى لتنمية مهارات الاتصال والتحصيل المعرفى لدى طلاب الجامعة
د/ محمد عبـدالــرازق شـمه
مدرس تکنولوجيا التعليم / جامعة دمياط
مقدمة:
        تطورت تکنولوجيا التعليم تطورًا کبيراً فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، الأمر الذى فرض على النظام التعليمى عدداً کبيراً من التحديات التى يجب أن يسايرها بهدف التطوير وتحسين مخرجات التعلم وزيادة فرص التفاعل بين أفراد المنظومة التعليمية کلها.
        ويعد التعليم الإلکترونى أحد مسارات التطوير التى تبناها معظم التربويون، والتعليم الإلکترونى عبارة عن نظام تفاعلى للتعليم يضم جميع عناصر العملية التعليمية، تتم فيه عملية التعلم من بعد باستخدام وسائل الاتصالات وتکنولوجيا المعلومات، ويتميز بالتفاعلية فى محتواه الإلکترونى، والتفاعل بين المتعلمين والمعلمين أو بين المتعلمين بعضهم البعض بشکل متزامن أو غير متزامن، ويقدم للمتعلم فى الوقت الذى يرغبه بغض النظر عن مکان تواجده.
        ومع انتشار نظم التعلم الإلکتروني وزيادة الإقبال على استخدامه وتوظيفه في العملية التعليمية ، ظهرت مشکلات کثيرة منها: غياب الاتصال الاجتماعي المباشر بين عناصر العملية التعليمية مما يؤثر سلباً على مهارات الاتصال لدى المتعلمين مما أدى إلى التفکير فى نظم تعلم جديدة للتغلب على هذه المشکلات فظهر ما يسمى بالتعلم المدمج (حسن الباتع ، السيد عبد المولى ، 2008)
        والتعلم المدمج هو صيغة للتکامل تجمع بين التعليم التقليدى والتعليم الإلکترونى، حيث تستخدم مصادر التعلم الإلکترونية ضمن المحاضرات والدروس التقليدية، أو بشکل متکامل معها، ويعد هذا المدخل من أفضل وأنجح صيغ استخدام تکنولوجيا الاتصالات والمعلومات ومصادر التعلم الإلکترونية فى التعليم، فهو يحقق مزايا أکثر للتعليم التقليدى (عطية خميس، 2003).
        أى أن هذا المدخل يجمع بين مميزات التعليم الالکترونى، والتعلم وجهاً لوجه لزيادة الخبرة التعليمية داخل الفصل وتعدد قنوات الاتصال بين مکونات عملية التعلم، وهذا المدخل يزيد من قدرة المتعلم على التعهد بالعمل، والفاعلية والتفاعل وقت تقديم المحاضرة، وهو يجمع بين المناقشات عبر الويب والمقابلات وجهاً لوجه أي أنه يکامل بين الوقع الافتراضي والمکونات المادية في بيئة التعلم الحقيقية "واطسون"Watson , 2008)  (.
        وهذا المدخل يزيد من أدوار المتعلم التفاعلية والإرشاد والتوجيه للمعلم هذا فضلاً عن اختصار وقت التعلم، وهذا ما جعل معظم الجامعات والمؤسسات التعليمية الاعتماد عليه "کالوتا" (Kaleta, 2002) .
        ويتميز التعلم المدمج  بقدرته على اختيار أفضل وسيلة لکل هدف تعليمى، وزيادة نسبة ممارسة الأنشطة الحية داخل الفصل الدراسى، واتاحة فرص العمل الفردى والجماعى، و زيادة نسبة التفاعلات (الطالب/ المعلم ، الطالب/ الطالب، الطالب/ المحتوى التعليمى، الطالب/ مصادر التعلم الخارجية)، ويکامل بين التقويم البنائى والنهائى للطلاب (جراى" و "واطسون" Watson, 2008 & Gray, 2004)
        وقد أثبتت نتائج دراسات عديدة فاعلية استخدام برامج التعلم المدمج  ومنها:  دراسة ليننا Lynna (2004) التى أثبتت نتائجها فاعلية التعلم المدمج لذوى المستويات المختلفة فى الميول والخصائص النفسية.
        و دراسة کيرسون(Creason (2005 التى أثبتت نتائجها وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعة التجريبية التى درست باستخدام التعلم المدمج والطريقة التقليدية وجهاً لوجه لصالح طلاب المجموعة التجريبية.
        و دراسة ماجيورMaguire (2005) التى أثبتت نتائجها فاعلية  التعلم المدمج فى تدريس الرياضيات لطلاب المرحلة المتوسطة فى منطقة تورنتو Torontoبکندا.
        و دراسة ريما الجرف (2006) التى أثبتت نتائجها تفوق مجموعة التعلم المدمج على مجموعة التعليم التقليدى فى اتقان مهارات کتابة اللغة الانجليزية.
        و دراسة رشا هداية (2008) التى أثبتت نتائجها تفوق مجموعة التعلم المدمج على مجموعة الدراسة التقليدية وجهاً لوجه فى الاختبار التحصيلى وبطاقة ملاحظة مهارات صيانة الأجهزة التعليمية لطلاب الدبلوم المهنى تخصص تکنولوجيا التعليم.
        و دراسة منى الجزار و أحمد عصر (2009) التى أثبتت نتائجها فاعلية  تصميم بيئة تعليمة قائمة على نمط التدريب المدمج فى تنمية مهارات استخدام نظم إدارة بيئات التعلم الإلکترونية لدى أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم.
        و دراسة محمد جابر (2010) التى أثبتت نتائجها تفوق مجموعة التعلم المدمج على التعلم الإلکترونى فى التحصيل البعدى ومهارات انتاج النماذج التعليمية.
        و دراسة برجتروم Bergtrom (2011) التى أثبتت نتائجها فاعلية  التعلم المدمج على التحصيل المعرفى.
         وعملية تنظيم محتوى التعلم فى برامج التعلم المدمج يجب أن تستند إلى نموذج تعليمى محدد،  ويعتبر نموذج ريجلوث  التوسعى من أهم تلک النماذج حيث يقوم على أساس أن المحتوى يجب أن يبدأ تدريسه ببعض المفاهيم الملموسة والبسيطة والأساسية ثم يتدرج إلى الأفکار الأکثر تعقيداً أو تفصيلاً وتدريجاً، وبذلک يتوسع في المفهوم. (Abou Elseoud,1999 )
       ويتناول هذا النموذج  تنظيم وتعليم أکثر من مفهوم ، أو مبدأ ، أو إجراء تعليمي في نفس الوقت بحيث تکون هذه المعلومات محتوى وحدة تعليمية، أو مقرراً تعليماً يدرس في عام دراسي أو فصل دراسي ( حسن زيتون، 1994)
        ويقرر کل من ويلسون وکيليتى و ميريل  (Merrill ; Kelety; Wilson ,1981) أن التنظيم التوسعي  للمحتوي التعليمي يتطلب من المتعلمين القيام بممارسة العمليات العقلية العليا؛ لتحديد الأفکار الرئيسة والفرعية التي يتضمنها المحتوي التعليمي، وکذا ربط المفاهيم والمبادئ والإجراءات بعضها ببعض، وفهم العلاقات التي تربط بينها .
      من ثم فإن هدف هذا النموذج هو إبداع موقف شامل، يقوم بإدماج المعرفة الجديدة وربطها مع المعرفة السابقة لدى المتعلم، وتحسين قدرة المعلم على التدريس الفعال، وقد حددت أفنان دروزه (1993) الفروض التي يقوم عليها هذا النموذج فيما يلي:

يبدأ التعليم بالفکرة العامة المجردة ثم يتدرج إلى تعلم الأمثلة المادية المحسوسة.
يسير تنظيم المحتوى من أعلى إلى أسفل، أي من العام إلى الخاص.
يبدأ التعليم بعرض شامل وموجز لعناصر المهمة التعليمية المراد تنظيمها، ثم يبدأ ذلک التفصيل والتوسع في العناصر شيئاً فشيئاً، بشرط أن تتم عملية ربط کل مرحلة تعليمية بالمرحلة التي تسبقها أو تليها.

       وقد أثبتت دراسات عديدة فاعلية استخدام المدخل التوسعى في تنظيم المحتوي في عملية التعليم والتعلم فى البيئة التقليدية، ومنها دراسة  افنان دروزه) 1993(،(1996)    Rieber، محمد السيد ) 1998 (، أمينة الجندي ؛ منير صادق ) 2000( ، إبراهيم البعلي ) 2001( ، عبدالواحد الکبيسى؛ أشواق ظاهر 2011 )
      وفى البيئة الإلکترونية يکون لهذا المدخل جدوى کبيرة لما تتمتع به هذه البيئة من إحداث عمليتى التفاعل والتفاعلية فى أن واحد، وقد أکد عبد اللطيف الجزار (2002) أن هذه البيئة  تتميز بکثير من الإمکانيات التعليمية التي تجعلها من البيئات الفعالة في تکنولوجيا التعليم  حيث يقوم المتعلم باکتشاف وبناء المعنى والمعرفة، کما تشجع على التعلم الاجتماعي من خلال وسائط الاتصال المختلفة المتاحة عن طريق الاتصال المتزامن أو الاتصال غير المتزامن.
        وأُجريت دراسات عديدة؛ لتقيم فاعلية استخدام هذا النموذج في تنظيم محتوي البيئات الإلکترونية، ومنها دراسة ليودج (Ludwig, 2000) التى أظهرت نتائجها فاعلية  کل من المدخل التوسعى والمعرفى فى تعلم الموضوعات عبر الويب.
        ودراسة هاشم سعيد (2003) التي أظهرت نتائجها وجود فروق دالة إحصائيا عند مستوى 0.05 بين متوسطات درجات کسب الطلاب على اختبار التحصيل، وکذلک على مقياس القيم ، واختبار التفکير الناقد ترجع لنمط تتابع المحتوى لصالح النمط التوسعى.
       ودراسة دوناتون ومکينوى (Donton , Mckinney,2005) أثبتت نتائجها فاعلية برنامج مقترح لتحسين مهارات البرمجة بلغة الجافا وفق مبادىء المدخل التوسعى حيث تم إلقاء مقدمة عن البرمجة ثم عرض موجز عن البرمجة بلغة الجافا ثم عملية إظهار التفاصيل وذلک عن طريق الإبحار الرأسى لعرض الأمثلة والتتابعات فى  محتوى مقرر البرمجة.
        ودراسة سوزکى وتادا (2008 Suzuki, Tada, ) التى أثبتت نتائجها فاعلية  نموذج للتصميم الرأسى للتعلم الإلکترونى عبر الإنترنت وفق مبادىء المدخل التوسعى.
دراسة محمد عبدالرحمن (2009) التى أظهرت نتائجها وجود فروق دالة إحصائياً بين متوسطات درجات طلاب المجموعات التجريبية فى التحصيل المعرفى، وکفاءة التعلم ، وبقاء أثره لصالح التظيم الرأسى لطلاب الفرقة الأولى شعبة تکنولوجيا التعليم.
دراسة وجيه المرسى (2011) التى أظهرت نتائجها فاعلية التصميم الرأسى فى تنظيم محتوى الحاسب الآلى على تنمية المهارات العملية والاتجاهات لدى طلاب المرحلة الإعدادية.
دراسة وائل رمضان ودينا إسماعيل (2012) التى أظهرت نتائجها وجود فرق دال احصائياً بين مجموعتى التصميم الرأسى والأفقى لمحتوى جولات الويب المعرفية لصالح مجموعة التصميم الرأسى فى التحصيل وتنمية مهارات التعلم المنظم ذاتياً.
وبالرغم من کثرة البحوث التى تناولت فاعلية برامج التعلم المدمج فى تنمية المهارات الاجتماعية، والتحصيل المعرفى، وفاعلية نموذج ريجلوث التوسعى فى تنمية المهارات العملية والقيم إلا أن هناک ندرة فى الدراسات التى تناولت تصميم برامج التعلم المدمج فى ضوء نظرية تعليمية بصفة عامة، وتصميم برامج التعلم المدمج وفق نموذج ريجلوث التوسعى وقياس فاعليته على التحصيل ومهارات الاتصال لدى طلاب الجامعة بصفة خاصة، وهذا مادفع الباحث إلى إجراء هذا البحث هو تصميم برنامج للتعلم المدمج وفق نموذج ريجلوث التوسعى لتنمية مهارات الاتصال والتحصيل المعرفى لدى طلاب الجامعة.
الإحساس بمشکلة البحث:
       شعر الباحث بمشکلة البحث من عدة مصادر منها:
1- نتائج الدراسات السابقة التى رکزت معظمها على قياس فاعلية کل من التعلم المدمج، ونموذج ريجلوث التوسعى، ولم تتعرض أى من هذه الدراسات فى حدود علم الباحث إلى کيفية تصميم برنامج للتعلم المدمج الذى يتم تصميم محتواه إلکترونياً وفق نموذج ريجلوث التوسعى والمقارنة بين نمطين للتصميم، التصميم الرأسى والتصميم الأفقى، وتقديم التفاعل مباشر بين الطلاب بعضهم البعض، وبينهم وبين أستاذ المقرر، وقياس فاعليته على تنمية مهارات الاتصال والتحصيل المعرفى  لدى طلاب الجامعة.
2- شکوى طلاب الفرقة الثانية علوم إدارية بمعاهد القاهرة العليا من وحدة نظم المعلومات المتضمنة بمقرر نظم المعلومات الإدارية من صعوبة هذه الوحدة، وعدم فهمها ونتيجة لهذا:

قام الباحث بمقابلة الطلاب بشکل فردى وجماعى وتم تصميم استبيان قصير للوقوف على أسباب تلک المشکلة، وتبين أن شکوى الطلاب جاءت نتيجة لکثرة المفاهيم النظرية بوحدة نظم المعلومات، وصعوبة فهمها من خلال المحاضرة العامة، بالاضافة إلى عدم ارتباط محتوى هذه الوحدة بحاجات الطلاب.
قام الباحث بفحص وحدة نظم المعلومات، وجد أن محتوى هذه الوحدة تم وضعه بشکل عشوائى ولا يتبع تنظيم محتواها أى نظرية تعليمية،  بالاضافة إلى أن تنظيم المفاهيم بها جاء بشکل عشوائى، وأن التوسع فى تعلم هذه المفاهيم لا يتبع نمطاً محدداً للتوسع .

مشکلة البحث:
         تبين من خلال نتائج الدراسات والبحوث السابقة، ونتائج الدراسة الاستطلاعية أن هناک حاجة إلى إعادة تنظيم محتوى وحدة نظم المعلومات لطلاب الفرقة الثانية شعبة علوم إدارية والمقارنة بين نمطين لتصميم محتوى هذه الوحدة وفق نموذج ريجلوث التوسعى هما التصميم بالنمط الرأسى مقابل التصميم بالنمط الأفقى وتقديم هذا المحتوى إلکترونياً، ويتم تقديم التفاعل وجهاٌ لوجه بين أفراد المجموعتين التجريبيتين من خلال برنامج للتعلم المدمج ، و يمکن التعبير عن مشکلة البحث في السؤال التالي:
کيف يمکن تصميم برنامج للتعلم المدمج وفق نموذج ريجلوث التوسعى لتنمية مهارات الاتصال والتحصيل المعرفى لدى طلاب الجامعة ؟
       ويتفرع منه الأسئلة الفرعية التالية:

ما معايير التصميم التعليمى لبرنامج التعلم المدمج وفق نموذج ريجلوث التوسعى؟
ما أثر اختلاف نمط تصميم محتوى برنامج التعلم المدمج (رأسى مقابل أفقى) على التحصيل المعرفى لدى طلاب الفرقة الثانية شعبة علوم ادارية ؟  
ما أثر اختلاف نمط تصميم محتوى برنامج التعلم المدمج (رأسى مقابل أفقى) على تنمية مهارات الاتصال لدى طلاب الفرقة الثانية شعبة علوم ادارية ؟ 
ما فاعلية برنامج للتعلم المدمج وفق نموذج ريجلوث التوسعى على التحصيل المعرفى لدى طلاب الفرقة الثانية شعبة علوم ادارية ؟
ما فاعلية برنامج للتعلم المدمج وفق نموذج ريجلوث التوسعى على تنمية مهارات الاتصال لدى طلاب الفرقة الثانية شعبة علوم ادارية ؟