تنمية مهارات الفهم الاستماعي والأداء الکتابي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية في ضوء نظرية السقالات التعليمية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية التربية - القصيم

المستخلص

تنمية مهارات الفهم الاستماعي والأداء الکتابي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية في ضوء نظرية السقالات التعليمية
                                                          أ.م. د علاء الدين حسن سعودي
                           أستاذ مساعد بقسم المناهج وطرق التدريس کلية التربية جامعة عين شمس
                              أستاذ مشارک بقسم المناهج وطرق التدريس کلية التربية جامعة القصيم
أولا: المقدمة
    للاستماع دور مهم في تحقيق التواصل الشفهي بين أفراد المجتمع، حيث تبلغ المواقف الحياتية التي يحتاج الفرد خلالها إلى استخدام مهارتي الاستماع، والتحدث معا إلى أکثر من 90 % من المواقف اليومية الاتصالية التي يمر بها کل فرد؛ لذا يحتل الاستماع المرتبة الأولى بين فنون اللغة التي ينبغي أن تسعى المدرسة الابتدائية إلى تنميته لدى تلاميذها حتى يتمکنوا من اکتساب فنون اللغة الأخرى.
   و يعد الفهم الاستماعي أهم مهارات الاستماع التي ينبغي أن يتمکن تلميذ المرحلة الابتدائية منها ، فمن خلاله يفسر النص الذي يستمع إليه حيث يحدد الفکرة الرئيسة ، و الأفکار الفرعية لهذا النص ، کما يحدد غرض المتحدث من تقديم النص ، و کذلک يمکن الفهم الاستماعي تلميذ المدرسة الابتدائية من الاستجابة للنص من خلال التعليق عليه ، و التفاعل معه لفظيا ، أو حرکيا ، کما تساعد مهارة الفهم الاستماعي التلميذ على نقد النص ؛ حيث تمکنه من التمييز بين الواقع و الخيال ، و التمييز بين المعلومات الصحيحة و المعلومات الخطأ فيما يستمع إليه  کما تساعد مهارات الفهم الاستماعي على تنمية مهارات التفکير الإبداعي لدى التلميذ من خلال تدريبه على إعادة ترتيب أفکار النص ، واستخدام خبراته في مواقف جديدة .
    و يمثل الأداء الکتابي شکلا مهما من أشکال الاستجابة للنص المسموع، والتعبير عن فهمه الذي تسعى المدرسة الابتدائية إلى تنميته لدى التلميذ ؛ و ذلک من خلال کتابة تعليق على النص المسموع أو إجابة أسئلة حوله ، أو طرح أسئلة مکتوبة عليه ، أو تلخيصه ، أو تعديله ، و تقديم صورة جديدة له .
   ونظرا لأهمية المرحلة الابتدائية في تنمية المهارات، والعمليات العقلية لدى التلاميذ ظهرت نظرية السقالات التعليمية، والتي تعد من النظريات المهمة التي تقدم إطارا فکريا حول آليات مساندة تلاميذ المدرسة الابتدائية من أجل اکتساب مهارات جديدة عليهم من خلال تقديم الدعم اللفظي، وغير اللفظي الکافي کي يتمکنوا من تحقيق تعلم أفضل، و تنفيذ مهام ما کانوا ليحققوها دون مساعدة، و قد ساعدت نظرية السقالات التعليمية أيضا في تنمية استقلالية التعلم  والإيجابية لدى التلاميذ، وکذلک استثارة دافعيتهم نحو التعلم ( Saskatoon Public Schools,2002, P.2 ).
    وقد قدمت النظرية نماذج تطبيقية لتهيئة بيئة تعلم مساندة للتلاميذ کي يکتسبوا المهارات، والعمليات العقلية المستهدفة من خلال توفير أنشطة، و إرشادات ، وأدوات يمکن الاستفادة منها في تنمية المهارات اللغوية لدى التلاميذ( Northen Illinois, 2013, p.3) ، وقد ساعد ذلک على تقليل القلق، والتوتر لديهم عند تعلم المفاهيم، والمهارات اللغوية ( Hope Hartman, 2002, P.4) ، وکذلک أفادت هذه النظرية في مساعدة التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة على تحقيق تعلم أفضل ،و ساعدت على الاکتشاف المبکر للموهوبين ،    و المتفوقين عقليا، وکذلک أسهمت نظرية السقالات التعليمية في ضمان اکتساب التلاميذ للمهارات، و العمليات، و المهام اللغوية المستهدف أن يتعلموها ،و تمکينهم من الوصول إلى مستوى إتقان في أدائها لم يکونوا قادرين على الوصول إليه من خلال الطرق التقليدية في التدريس .( Derstuyf R., 2002, P.1)
     وبالرغم من أهمية تعليم الاستماع في المدرسة الابتدائية ، فإنه أکثر فنون اللغة إهمالا، فالتلاميذ يأتون إلى المدرسة ليتعلموا القراءة، والکتابة ولکنهم نادرا ما يلقون عناية في تعليم الاستماع، والکلام (الناقة، وحافظ،2008،ص114)( شحاتة،1998،ص82)، ولعل قصور الاهتمام يتضح من خلال استعراض أن تعليم التواصل الشفوي (الاستماع، و التحدث معا) لا يحظى سوى بنسبة 9 % من الخطة الدراسية للغة العربية في المدرسة الابتدائية ، حيث يمثل تعليم الاستماع بالاشتراک مع التحدث حصة واحدة من اثنتي عشرة حصة هي مجمل الحصص الخاصة بتعليم اللغة العربية في المدرسة الابتدائية ؛ و ذلک يؤکد أن هناک قصورا في الاهتمام بمهارة الاستماع بصفة عامة ، و مهارات الفهم الاستماعي بصفة خاصة     ( سعودي،2007،ص4)
     کما أن هناک قصورا في رؤية معلم اللغة العربية في المدرسة الابتدائية لمهارات الفهم الاستماعي ؛ فمفهوم الاستماع عنده يقتصر على جانب تمييز الأصوات أو الجانب اللغوي للاستماع ،  و لا يمتد هذا المفهوم ليشمل مهارات الجانب الفکري للاستماع التي تمثل الغاية من تعليم الاستماع في هذه المرحلة، وکذلک لا يتوافر لتعليم الاستماع في المدرسة الابتدائية منهج بالمعنى العلمي لمصطلح منهج ، فالأهداف الخاصة بتعليم الاستماع في المدرسة الابتدائية هي أهداف غير واضحة أو محددة ، وغير قابلة للملاحظة أو القياس ، کما أنها لا تناسب تعليم الاستماع في القرن الحادي و العشرين ، و هي لا تتوافق مع المستويات العالمية لتعليم الاستماع في اللغات الأولى و التي تتبناها الدول ذات الأنظمة التعليمية المتقدمة مثل الولايات المتحدة ، و کندا ، و الدول الأوروبية . . . . .(سعودي،2003،ص ص 116-177).
    و کذلک أهمل المعلمون تدريب التلاميذ على استخدام الاداء الکتابي للتفاعل مع النصوص التي يستمعون إليها ؛ و ذلک من خلال تدريبهم على طرح أسئلة مکتوبة على النص الذي يستمعون إليه ، و کتابة جمل بسيطة للتعليق على النص ، أو تلخيصه ، أو الإجابة عن أسئلة حول النص .  
ثانيا: الإحساس بالمشکلة
    وعلى الرغم من أهمية الفهم الاستماعي، والأداء الکتابي لتلاميذ المرحلة الابتدائية؛ إلا أنهم يعانون من ضعف هاتين المهارتين؛ حيث يصعب عليهم تفسير النص الذي يستمعون إليه من خلال تحديد فکرته الرئيسة، أو أفکاره الفرعية، کما أنهم يفشلون في کل من تحديد غرض المتحدث من تقديم هذا النص للمستمعين، وتعرف نوع الانفعالات المسيطرة على هذا المتحدث أثناء إلقاء النص على مستمعيه؛ ومن ثم يصعب عليهم اکتشاف طبيعة المتحدث، وطبيعة النص الذي يقدمه؛ مما يؤکد أن التلاميذ يسمعون، ولا يفهمون فهم يدرکون الأصوات ويلاحظونها، ولکن دون تفسير ما يسمعونه (الناقة، وحافظ، 2002،ص 114).
   کما يظهر ضعف مهارات الفهم الاستماعي لدى هؤلاء التلاميذ من خلال عجزهم عن الاستجابة للنص الذي يستمعون إليه؛ حيث يخفقون في الإجابة عن أسئلة تتعلق بالنص الذي استمعوا إليه، أو طرح أسئلة على هذا النص، أو تقديم تعليق عليه، أو التعبير عن مدى تأثرهم بالنص، أو تحديد الدروس المستفادة منه، وسبل الاستفادة منه في المواقف الحياتية المختلفة.
  و کذلک يظهر ضعف مهارات الأداء الکتابي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية من خلال عجزهم عن استخدام الرموز اللغوية المکتوبة للتعبير عن فهمهم للنص الذي استمعوا إليه؛ فهم يخطئون في التمييز بين الحروف المتشابه في الشکل، ويخلطون بين شکل الحرف في أول الکلمة، ووسطها، وآخرها، ولا يکتبون الحروف بشکل واضح، ويصعب على هؤلاء التلاميذ استخدام الظواهر اللغوية المختلفة مثل:(التنوين)، و يعجزون عن تهجي الکلمات المقدمة لهم من خلال النص المسموع، ويفشلون في کتابة کلمات متعددة على الوزن نفسه، کما يظهر ضعف مهارات الأداء لديهم في صعوبة تکوين کلمات من حروف معطاة لهم، أو تکوين جمل من کلمات مقدمة لهم فضلا عن خلطهم في استخدام أدوات الاستفهام المختلفة، وفشلهم في تحديد علامات الترقيم المناسبة لکل جملة.
  وقد أجرى الباحث دراسة استطلاعية للتعرف على مستوى مهارات الفهم الاستماعي، ومهارات الأداء الکتابي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية، حيث اختار الباحث عشرة تلاميذ من تلاميذ الصف الثاني الابتدائي بمدرسة السادات الابتدائية بإدارة الخليفة والمقطم بمحافظة القاهرة، طلب منهم الإجابة کتابة عن ثلاثة أسئلة طرحت عليهم حول نص استمعوا إليه ولم يسبق لهم دراسته، وأکدت هذه الدراسة الاستطلاعية أن:

سبعة من هؤلاء التلاميذ يعانون من ضعف مهارات تفسير النص الذي يستمعون إليه.
تسعة منهم يعانون من ضعف في مهارات الاستجابة للنص الذي يستمعون إليه.
سبعة منهم يعانون من ضعف مهارات کتابة الحروف (مهارات الخط).
ثمانية منهم يعانون من ضعف مهارات کتابة الکلمات (التهجي).
تسعة منهم يعانون من ضعف مهارات کتابة الجمل (التعبير).            

      ونتائج هذه الدراسة الاستطلاعية تؤکد الحاجة لإجراء دراسة لتنمية مهارات الفهم الاستماعي، والأداء الکتابي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية، وفي حدود علم الباحث أنه لا توجد دراسة لتنمية مهارات الفهم الاستماعي، والأداء الکتابي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية في ضوء نظرية السقالات التعليمية.
ثالثا : تحديد المشکلة
              تتحدد مشکلة الدراسة الحالية في ضعف مهارات الفهم الاستماعي ، و الأداء الکتابي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية .
        و للتصدي للمشکلة أجابت الدراسة عن الأسئلة التالية :
1- ما مهارات الفهم الاستماعي اللازمة لتلاميذ المرحلة الابتدائية ؟
2- ما مهارات الأداء الکتابي اللازمة لتلاميذ المرحلة الابتدائية ؟
3- ما أسس بناء برنامج قائم على نظرية السقالات التعليمية لتنمية مهارات الفهم الاستماعي ، و مهارات الأداء الکتابي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية ؟
4- ما البرنامج القائم على نظرية السقالات التعليمية ؟
5- ما فاعلية البرنامج القائم على نظرية السقالات التعليمية في تنمية مهارات الفهم  الاستماعي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية؟
6- ما فاعلية البرنامج القائم على نظرية السقالات التعليمية في تنمية مهارات الأداء الکتابي لدى التلاميذ؟
رابعا : حدود الدراسة
          تلتزم الدراسة بالحدود التالية :
1- الصف الثاني الابتدائي ؛ حيث يحتاج تلاميذ هذا الصف إلى مهارات الفهم الاستماعي ومهارات الأداء الکتابي ؛ لتحقيق تحصيل أکاديمي أفضل في المواد الدراسية المختلفة .
2- السقالات التعليمية المناسبة لقدرات تلاميذ الصف الثاني الابتدائي .  
3- محافظة القاهرة ؛ لأنها بيئة ممثلة لجميع بيئات مصر .
4- مهارات الفهم الاستماعي ، و مهارات الأداء الکتابي المناسبة لتلاميذ الصف الثاني الابتدائي .
خامسا : تحديد المصطلحات
1- السقالات التعليمية : کل أشکال الدعم اللفظي ، أو غير اللفظي الذي يقدمه المعلم لتلاميذ الصف الثاني الابتدائي بشکل مؤقت ؛ کي يتمکنوا من اکتساب مهارات الفهم الاستماعي ،  و مهارات الأداء الکتابي ؛ و من ثم أداء مهام تتعلق بهذه المهارات يصعب على التلاميذ تحقيقها دون مساعدة المعلم ؛ بحيث يزال هذا الدعم تدريجيا مع نمو قدراتهم ؛ وصولا إلى أداء التلاميذ هذه المهارات مستقلين دون مساعدة .
2- الفهم الاستماعي : عملية عقلية يقوم من خلالها تلميذ الصف الثاني الابتدائي بتفسير النص المسموع ( تحديد الفکرة الرئيسة لها – تحديد الافکار الفرعية لها – تحديد غرض المتحدث - .. ) ، و کذلک الاستجابة لهذا النص المسموع من خلال التعبير عن رد فعله حوله في صورة لفظية ، أو حرکية .
3- الأداء الکتابي : استخدام تلميذ الصف الثاني الابتدائي للرموز اللغوية المکتوبة ( الحروف – الکلمات – الجمل ) ؛ لاستعراض معلومات أو خبرات اکتسبها ، أو للتعبير عن فکرة خاصة به حول نص استمع إليه .
 
 
سادسا : خطوات الدراسة و إجراءاتها
                    سارت الدراسة في الخطوات التالية لحل مشکلتها :
1- تحديد مهارات الفهم الاستماعي لدى تلاميذ الصف الثاني الابتدائي ؛ و تم ذلک من خلال دراسة :
أ- الدراسات و الأدبيات التي تناولت مهارات الفهم الاستماعي .
ب- طبيعة الفهم الاستماعي .
ج- آراء الخبراء و المتخصصين .
2- تحديد مهارات الأداء الکتابي لدى تلاميذ الصف الثاني الابتدائي ؛ و تم ذلک من خلال دراسة :
أ- الدراسات و الأدبيات التي تناولت مهارات الأداء الکتابي .
ب- طبيعة الأداء الکتابي .
ج- آراء الخبراء و المتخصصين .
3- تحديد أسس بناء برنامج قائم على نظرية السقالات التعليمية لتنمية مهارات الفهم الاستماعي، و مهارات الأداء الکتابي لدى تلاميذ الصف الثاني الابتدائي ؛ و تم ذلک من خلال دراسة :
أ- طبيعة السقالات التعليمية ، و أنواعها ، و نماذج تطبيقها .
ب- طبيعة مهارات الفهم الاستماعي ، و مهارات الأداء الکتابي التي تم التوصل إليها في الخطوتين السابقتين .
4- بناء برنامج قائم على نظرية السقالات التعليمية و تضمن :
أ- الأهداف .                              ب- المحتوى .
ج- التدريس .                           د- التقويم .
5- قياس فاعلية البرنامج القائم على نظرية السقالات التعليمية في تنمية مهارات الفهم  الاستماعي ؛ و تم ذلک من خلال :
أ- بناء اختبار الفهم الاستماعي ، و ضبطه .
ب- أختيار عينة من تلاميذ الصف الثاني الابتدائي .
ج- تطبيق الاختبار على مجموعة الدراسة قبليا .
د- تطبيق البرنامج على مجموعة الدراسة .
ه- تطبيق الاختبار على المجموعة بعديا .
و- استخراج النتائج ، و تحليلها ، و تفسيرها .
6- قياس فاعلية البرنامج القائم على نظرية السقالات التعليمية في تنمية مهارات الأداء الکتابي ؛ و تم ذلک من خلال :
أ- بناء مقياس الأداء الکتابي ، و ضبطه .
ب- أختيار عينة من تلاميذ الصف الثاني الابتدائي .
ج- تطبيق المقياس على مجموعة الدراسة قبليا .
د- تطبيق البرنامج على مجموعة الدراسة .
ه- تطبيق المقياس على مجموعة الدراسة بعديا .
و- استخراج النتائج ، و تحليلها ، و تفسيرها .
سابعا : أهمية الدراسة
           يمکن أن تفيد الدراسة الحالية کلا من :
1- مخططي المناهج و مطوريها : حيث تقدم الدراسة الحالية برنامجا يساعد على تطوير مناهج تعليم اللغة العربية في الصف الثاني الابتدائي .
2- المعلمين : حيث تقدم الدراسة دليلا للمعلم يساعده على استخدام السقالات التعليمية في تنمية مهارات الأداء الکتابي ، و الفهم الاستماعي لدى التلاميذ .
3- التلاميذ : حيث تساعد الدراسة الحالية على تنمية مهارات الفهم الاستماعي ، و مهارات الأداء الکتابي لديهم .
4- الباحثين : تفتح الدراسة الحالية المجال لإجراء دراسات أخرى حول السقالات التعليمية .