اللغة العربية وتحديات مجتمع المعرفة

نوع المستند : المقالة الأصلية


اللغة العربیة وتحدیات مجتمع المعرفة

إعداد أ.د. محمود کامل الناقة[1]  

أولا: مقدمة:

الکتابة عن اللغة والمعرفة هى کتابة فى موضوع واسع وعریض وعمیق، تتعدد فیه الطرق، وتتنوع المسالک، وتتشعب الدروب، وتتقاطع الاتجاهات، فاللغة والمعرفة میدان واسع سعة الحیاة فما المجتمع فى کل شئونه سوى لغة ومعرفة، ولذا فهما أشبه بمنسوجة واحدة إذا شددت منها خیطًا انسابت بین أصابعک وعلى سطور کتابتک بقیة الخیوط فتصیبک الحیرة، کیف تعید النسیج وتنظم الفکر وتنسق الکتابة؟!

وإذا أضفنا إلى ذلک الحدیث عن اللغة العربیة وتحدیات مجتمع المعرفة زادت الحیرة وصعب الأمر وتطلب الکثیر من العناء والجهدوالقدرة على لملمة الخیوط ونسجها، ولذا فالکتابة فى موضوع یتناول اللغة العربیة وتحدیات مجتمع المعرفة أشبه ما یکون براکب قارب مطاطى فى محیط لجى حیث تتلاطم الأمواج الهادرة، وتهب العواصف الکاسحة فتخلع من بین یدیه مجادیف السیر، وتتوه عن ناظریه الطریق، ویصبح الأمر الذى یعیشه –لامحالة- محاولة للنجاة وابتعاداً عن الغرق.أقول هذا حتى أبرر أن محاولتى هنا الکتابة فى هذا الموضوع ترتبط بوقت ضیق ومساحة محدودة، وجهد مقل، وإلا احتاج الأمر لأن یکتب الإنسان موسوعة، تتطلب وقتاً ومساحة وجهداً یفوق عشرات المرات ماهو متاح لهذه الورقة، التى تمثل فى نهایة الأمر سیاحة فکریة أقف فیها ببعض الأبعاد، وأطرح حولها بعض الأفکار، متجاوزاً أبعاداً عدیدة وأفکاراً کثیرة مما یمکن لکل فاحص لهذه الورقة أن یغنى أبعادها ویثرى أفکارها، فهکذا تتلاقح الأفکار وتتکامل المعارف وتنمو.

إن الحدیث عن اللغة العربیة هو فى حقیقة الأمر حدیث عن الأمة العربیة، ومن ثم فهو حدیث عن ثقافة هذه الأمة بالمعنى الشامل لمفهوم الثقافة، وتناول واقعها الآن إنما هو عرض لواقع هذه الثقافة متطورة کانت أو متخلفة. إن اللغة العربیة فى واقعها الآن إنتاجا واستخداما إنما هى المرآة التى تعکس حیاة هذه الأمة الاجتماعیة والثقافیة والسیاسیة والعلمیة والتکنولوجیة والفنیة، ولذا فضعف اللغة العربیة أو قوتها الآن إنما هو معیار لایمکن تجاوزه فى إصدار حکم حضارى على مدى قوة أصحابها أو ضعفهم.

وللغة العربیة فى حیاة الأمة العربیة أدوار کثیرة ومتعددة، یطول فیها الحدیث، ویتشعب حولها التفصیل، إلا أن جل ما ینبغى الاهتمام به الآن هو دورها الذى ینبغى أن یتعاظم فى مجتمع المعرفة، لأنه لامفر من أن نعیش هذا المجتمع ونعایشه ونحتل مکانا من أماکن القیادة فیه، فنحن فى حاجة إلى تطویر حیاتنا وتحدیثها مسایرة لهذا المجتمع، ونحن فى هذا السیاق لانستطیع أن ننکر المقولة التى تقول: إذا أراد الناس تطویر حیاتهم وتحدیثها فإنهم یلجئون إلى اللغة، لأن حیاة الناس مبنیة على الفکر أولاً، حیث هو أساس التطبیق. واللغة والفکر صنوان، ولذا فلا نستطیع أن نتصور لأمة من الأمم ثورة فکریة کاسحة للتخلف إلا أن تکون بدایتها نظرة عمیقة عریضة تراجع بها اللغة وطرائق استخدامها، لأن اللغة هى الفکر، ومحال أن یتغیر هذا بغیر ذلک (زکى نجیب محمود 1987، 230) .

ولابد أن نسلم بضرورة أن تکون اللغة العربیة –فى مجتمع المعرفة- أداتنا لاکتساب المعرفة ، ووسیلتنا الفاعلة لتحلیلها وتفسیرها وتنظیمها وتطبیقها والانتفاع بها والإضافة إلیها، وهى قبل کل ذلک وبعده وسیلتنا للتفکیر والإبداع والمشارکة فى تطویر المعرفة الإنسانیة وإثرائها، ومن ثم الارتقاء إلى مصاف الأمم المنتجة للمعرفة، حیث تقسم الأمم والدول فى العالم الآن تقسیماً لا یقوم على الإنتاج الصناعى المتقدم أو ما شابهه وإنما یقوم على أساس من مفهوم مجتمع المعرفة، فهناک أمم منتجة للمعرفة وأخرى مستهلکة، فالأمم المنتجة هى تلک التى تضیف إلى رصید المعرفة الإنسانیة من خلال إبداعات أبنائها وابتکاراتهم ، تلک التى غالبا ما تکون لغتهم هى أداتهم لذلک، أما الأمم المستهلکة للمعرفة فهى تلک التى تحیا على ما تنتجه الأمم الأخرى ولیس لها من سبیل للإضافة إلى المعرفة الإنسانیة لأن لغتهم غیر قادرة على القیام بهذا الدور الذى هو مناط الإبداع والإبتکار ومن حیث إن أمة بلا إبداع هى أمة
بلا لغة.

والحدیث عن اللغة العربیة فى مجتمع المعرفة وما یمکن أن تواجهه من تحدیات، یستدعى أن نلم بطرف عن طبیعة هذا المجتمع بما یساعد على استنتاج بعض السمات التى تفرض ما یمکن أن یمثل تحدیات للغة العربیة، فمجتمع المعرفة مجتمع یعیش تحولات معلوماتیة معرفیة متسارعة ما نکاد نمسک بتحول منها إلا ویسبقک الآخر، وینفلت من بین یدیک الثالث، وما تکاد تمسک بطرف من معلومة أو معرفة إلا وینساب بین یدیک وفى عقلک وإلى مخزونک أطراف متلاحقة متتالیة متکاثرة حتى لیعجز الفرد والمجتمع نفسه عن ملاحقة تلک التحولات، والإحاطة بکل الأطراف واستیعابها، وهو عجز یمثل فى نفس الوقت حافزاً على التفکیر فى کیفیة مجاراة هذه التحولات وملاحقتها، والإمساک بتلابیبها والإلمام بأطرافها، ومحاولة السیطرة علیها والتکیف لها.

وتتمثل هذه التحولات فیما یسمى بشکل دقیق (التدفق المعرفى) وأیضا (الفیض التکنولوجى)، حیث نصبح على نظریات علمیة جدیدة، ونمسى على تطبیقات حیویة مذهلة ، ونتلقى کل ساعة کماً رهیباً من المعلومات، ونسبح وسط أمواج وتیارات هائلة من المعارف، وتأخذنا إلیها أشکال جدیدة من التکنولوجیا، وابتکارات فوق التصور لتکنولوجیا المعرفة، وأجهزة شدیدة التعقید یسیرة الاستخدام تعمل على توظیف المعرفة واستخدامها وصولاً إلى معرفة جدیدة ، وکأننا فى هذا السیاق نود أن نقرر أن السمة الرئیسة لمجتمع المعرفة هى الإنتاج الکثیف واللحظى لصناعة المعلومات والمعارف، هى التزاید المفرط فى کم المعرفة وکیفها وتعقدها وتعدد أبعادها وأعماقها وتزاید اتساعها وتشابکها، فإذا صحب کل ذلک تقدم هائل وسریع ومبهر فى نظم الاتصال ونقل المعلومات، تلک التى تخترق الحدود وتعبر السدود، وتقطع المسافات وتتجاوز المساحات والأزمنة، أدرکنا ما للغة من دور عظیم فهى أداتنا کما أشرنا إلى اکتشاف المعرفة واکتسابها وفهمها واستیعابها واختزانها واستدعائها وممارستها وتطبیقها وتجدیدها والابتکار فیها والإضافة إلیها.

وهنا لابد أن نقرر أن هذا الذى یدور فى مجتمع المعرفة من ثورات معرفیة وتحولات وتدفقات ونظریات واختراعات واکتشافات وإبداعات وتطبیقات إنما تحمله لنا اللغة، حبذا لو کانت اللغة الأم لأنه بها – کما تقرر کل الأدبیات – یمکن بشکل أعمق فهما، وأوضح استیعابا، وأیسر استخداما –کما سبق أن ذکرنا- اکتشافا واکتسابا وهضما واستخداما وتطویراً وإبداعاً، لأن اللغة الأم هى القادرة عى تمکین الناطق بها من معایشة المعرفة، والاستغراق فیها، والتفاعل معها، واستبطانها، والاغتراف منها، ومن ثم استخدامها وتطبیقها فى حیاته.

إلا أنه بازدحام مخزون المعرفة ، وبتسارع منتج العقل الإنسانى وتدفقه ، وبتجدد المعلومات تجدداً لحظیاً ، وبتراکم المعرفة النظریة والتطبیقیة، وبظهور المفاهیم الجدیدة والمسمیات الحدیثة، والمصطلحات المصکوکة، والمدرکات المبتکرة، والتعبیرات المرکبة، والدلالات المستحدثة، والعلوم المضافة، والمیادین والمجالات المعرفیة المبهرة، والاستخدامات العجیبة، والتطبیقات العلمیة والاجتماعیة المطورة للحیاة ، والتکنولوجیات الإلکترونیة المذهلة... وغیرها ، أقول : إنه بکل ذلک وأمامه قد تجد اللغة الأم- وهى فى سیاقنا اللغة العربیة- مجموعة من التحدیات لقدرتها على مجاراة هذا المجتمع، واستیعاب معرفته، واحتضان معلوماته، ثم التعبیر عنها ونقلها، وتیسیر استخدامها وتطبیقها، ولعل لغتنا العربیة من اللغات التى تواجه هذا الموقف، ذلک أن اللغة المسیطرة الآن على مجتمع المعرفة هى اللغة الإنجلیزیة تقریبا، باعتبارها لغة عالمیة سادت وانتشرت وأکدت قدرتها وعالمیتها کوعاء لکل مجالات المعرفة الإنسانیة، ولعل هذا یثیر تساؤلین تحاول هذه الورقة أن تجیب عنهما
ألا وهما:

الأول: ما التحدیات التى یمکن أن تواجه اللغة العربیة فى مجتمع المعرفة؟

وقد یصاغ بشکل آخر هو: ما التحدیات التى یضعها مجتمع المعرفة أمام اللغة العربیة؟

الثانى: هل اللغة العربیة قادرة على مجابهة هذه التحدیات والاستجابة لمتطلبات مجتمع المعرفة؟! وما الدور الذى ینبغى أن تقوم به فى مواجهة هذه التحدیات؟

ثانیا: تحدیات مجتمع المعرفة

تفرض طبیعة مجتمع المعرفة بما تقتضیه طبیعة المعرفة نفسها وخصائصها تحدیات تتطلب من المجتمع أفراداً أو جماعات آلیات وإجراءات للتکیف مع هذه الطبیعة، ومواجهة تلک التحدیات، ولتلائم واقعها مع طبیعة مجتمع المعرفة، ولتتلاءم مع متطلباته لتصبح جزءاً منه، ولعل من أهم سبل مواجهة هذه التحدیات فى عالمنا العربى تعظیم دور اللغة العربیة فى جمیع جوانب الحیاة العلمیة والثقافیة، وفیما یلى نستعرض أهم التحدیات التى یفرضها مجتمع المعرفة، ثم الکیفیة التى تمکننا عن طریق اللغة العربیة من مواجهة تلک التحدیات.

الإنفجار المعرفى:

نظراً لزیادة معدل الأبحاث والاکتشافات العلمیة فى مجتمع المعرفة، والتى أدت إلى تضییق الفجوة بین النظریة والتطبیق فقد تزایدت المعارف والمعلومات المتاحة؛ مما شکل تحدیا أمام الفرد؛ حیث یحتاج إلى تعرف هذا الکم الهائل من المعارف خلال فترة زمنیة وجیزة، وکذلک یحتاج إلى التحقق من صحة هذه المعلومات والمعارف حتى یمکنه استخدامها بشکل آمن فى مواقف الحیاة المختلفة؛ وهذا یتطلب من الفرد أن یتحقق من مصدر تلک المعلومات، والمعارف، وأن یتمکن من نقد هذه المعلومات من حیث التمییز بین الرأى والحقیقة فیها، وکذلک التمیز بین الحقیقة والخیال، وتحدید الغرض الذى یستهدفه مصدر هذه المعلومات من وراء عرضها، کما یتطلب من الفرد أن یکون قادراً على انتفاء المعلومات والمعارف التى یحتاجها دون غیرها، وتوظیفها لحل مشکلاته ومشکلات مجتمعه، ولعل الأمر لایقتصر على هذا لأن الفرد سیظل مطالبا بأن یکون قادراً على اکتشاف معلومات جدیدة، والتوصل إلى معارف مبتکرة استناداً إلى ما اکتسبه من مخزون المعلومات والمعارف، ومن خلال عملیات التفکیر الإبداعیة والتأمل الابتکارى. إن هذه فى الحقیقة أمور تمثل تحدیات للفرد فى مجتمع المعرفة، ومن ثم تحدیات للفرد فى المجتمع العربى والذى یعول کثیراً على لغته فى مواجهتها.

سباق المعرفة:

نعرف أنه من السمات الممیزة لمجتمع المعرفة سرعة الإنتاج المعرفى وکثرته وغزارته وتنوعه وکثافته، وأیضاً سهولة انتقاله زمانا ومکانا فى شتى أنحاء العالم، مدنه وقراه، فى أقل وقت ممکن، قد یصل إلى حد الثوانى، مما أوجد سباقا تنافسیا قسم المجتمعات إلى نوعین ، نوع منتج للمعرفة، وآخر مستهلک ، ترتب على هذا التنافس حدوث سباق معرفى بین الدول حول أسبقیة إنتاج المعلومات وامتلاکها؛ ومن ثم شکل ذلک تحدیا أمام جمیع الدول لتطویر قدرات أبنائها لیصبحوا مکتشفین للمعرفة منتجین لها، ولیسوا مکتسبین لها وقادرین على استخدامها فقط لأنهم بذلک یعیشون عالة على معارف أنتجها الآخرون، ویظلون کذلک تابعین غیر مبادئین، ولیصبحوا راغبین فى احتلال مکان متقدم فى صدارة السباق المعرفى مع غیرهم من دول وأمم ومجتمعات. ولعل اللغة العربیة فى حالتنا کعرب- هى الأداة الفاعلة التى تمکن الناطقین بها وتقدرهم على إنتاج المعرفة، وتدفعهم إلى المنافسة فى هذه السوق، وحیازة مکان فى صدارة السباق المعرفى.

3- صراع الثقافات:

نظراً لطبیعة مجتمع المعرفة ومن خلال الإنفجار المعرفى والسیاق المعلوماتى، وما ترتب على ذلک من سرعة انتقال المعرفة والمعلومات، وسهولة ویسر الاتصال ومن ثم التواصل بین جمیع الأفراد فى مختلف دول العالم، فقد أصبح کوکب الأرض قریة صغیرة انتقلت فیها الإنجازات المعرفیة والتکنولوجیة من الدول الراسخة معرفیا إلى الدول الأقل فى النمو تحمل معها أفکاراً وقیماً واتجاهات مختلفة لثقافة منتجیها، ولا تقف عند حدود عرض تلک الثقافات، وإنما تتجاوز إلى فرضها وفق آلیات محددة. ولقد أدى هذا –غالبا- إلى قیام الکیانات والتحالفات الدولیة، ومعها انحسر دور الدولة القومیة، مما أدى إلى حدوث صراع ثقافى تحاول فیه الدول ذات النفوذ الأقوى فى منظومة المجتمع الدولى (الدول المنتجة للمعرفة) فرض ثقافتها وقیمها على الدول ذات التأثیر الأقل (الدول المستهلکة للمعرفة)، ومن ثم شکل هذا الصراع الثقافى تحدیا أمام دول العالم المختلفة ومجتمعاته المتعددة ذات النفوذ القوى، وبین الدول والمجتمعات ذات النفوذ الأقل، حیث وجب على تلک الدول والمجتمعات أن تحصن أبناءها ضد الغزو الثقافى للدول والمجتمعات الأخرى، من خلال الحفاظ على هویتها وثقافتها وتقالیدها، بحیث یکون أبناؤها فاعلین بثقافتهم فى الآخرین ممثلین لها ولهویتهم غیر متأثرین بما یخالف قیمهم وتقالیدهم. ومن هنا یصبح التحدى الرئیسى هو تنمیة الهویة الثقافیة. والحدیث عن هویة الأمة وثقافتها وتقالیدها، وتمثیل أبنائها لتلک الهویة الثقافیة هو حدیث عن اللغة التى هى هویة الفرد، فالفرد لا یعرف بهیئته وسمات وجهه وإنما یعرف بلغته، کما أنها سبیله لمعرفة ثقافته ومعایشة جذورها وتراثها، وأیضا سبیل الآخرین لمعرفة هذه الثقافة، لذلک قیل: إن اللغة وطن، ومن ثم یبرز السؤال: هل تستطیع اللغة العربیة أن تواجه هذا التحدى؟!

4- الإبداع:

المعرفة نتاج عقل ومحتواه، وهى أداته لإنتاجها وإبداعها، لذا فالإبداع والمعرفة صنوان، هما وجهان لعملیة واحدة، مثلهما فى ذلک مثل التفکیر والعلم، لایعیش أحدهما دون الآخر، ومن هنا یصبح الإبداع مکونا أساسیا من مکونات مجتمع المعرفة، وفریضة عین یتحتم القیام بها، نقول ذلک لأن المعلوماتیة وهى ظهیر المعرفة وأساسها هى الابن الشرعى للإبداع الإنسانى فى مجالات العلم المختلفة، ذلک الإبداع الذى یمثل القدرة على إنتاج المعرفة وآلیات تطبیقها، ومن ثم یمثل أحد التحدیات الکبرى المحسوبة فى مجتمع المعرفة، فلا خیار أمام الأمم فى هذا المجتمع سوى الإبداع، ومن ثم تواجه هذه الأمم تحدیا مهما هو تنمیة مهارات التفکیر الإبداعى لدى أبنائها بحیث یتمکنون من إیجاد حلول متعددة ومبتکرة للمشکلات التى تواجه مجتمعاتهم، وتولید علاقات جدیدة بین الأشیاء والمفاهیم التقلیدیة، وإیجاد استخدامات مبتکرة للمعلومات، والتوصل إلى معلومات جدیدة من خلال المعلومات المکتسبة، ویتمثل تحدى الإبداع عند الأمم المختلفة فى تنمیة الدافعیة لدى أبنائها نحو المخاطرة المحسوبة، والتفکیر التباعدى الذى لا یرى لأى مشکلة حلا وحیدا، وتحمل الإحباط عند الفشل، والإحساس بالمسئولیة نحو النفس والمجتمع، والثقة بالنفس، والقدرة على اتخاذ القرار، والتمرد الإیجابى على الحلول التقلیدیة للمشکلات.

ویجدر بنا هنا أن نذکر أن أمة بلا إبداع أمة بلا هویة، ولا یوجد المبدع الذى ینتسب إلى ثقافة ولا یختزن فکراً ، إذ لابد أن یکون المبدع صاحب ثقافة عریضة عمیقة، ملما بإبداعات الآخرین وأسالیبهم وفنیاتهم وفلسفاتهم ورؤاهم، ولابد أن یکون مفکراً یولد ویحلل ویستنتج ویربط ویجدد ویبتکر، ولذا فالإبداع مشروط بالثقافة والفکر وکلاهما اللغة أداته وثمرته، فهل تستطیع اللغة العربیة أن تواجه هذا التحدى؟

5- الحریة المعرفیة:

لقد أدى ظهور الحاسوب ووسائل الاتصال والتواصل بأشکالها المتعددة، وأنواعها الکثیرة، وفنیاتها وأسالیبها المبهرة إلى ربط قواعد معلومات هائلة بوسائل الاتصال عن بعد وبالحواسیب الشخصیة حتى أصبح الإنسان فى واقع یمکنه من الاتصال بأى مکان فى العالم والتواصل معه والحصول على ما یرید من معلومات فى أقل وقت ممکن، لذا کان على الأمم فى مجتمع المعرفة أن تواجه إتاحة المعلومات والمعارف لجمیع الأفراد بحیث یتوافر لهم حق المعرفة الصحیحة عن مجتمعاتهم، وعن المجتمعات الأخرى دون حجب أو تزییف للمعلومات لاعتبارات سیاسیة أو اجتماعیة أو اقتصادیة ، وبحیث تتمیز تلک المعرفة بالصدق والموضوعیة غیر مرتبطة بتوجهات سیاسیة، أو اجتماعیة، أو اقتصادیة محددة أو منحازة إلیها. کما ینبغى أن یتاح لجمیع الأفراد –على حد سواء- الحق فى الاطلاع على تلک المعارف واستخدامها مع الاحتفاظ بحقوق الملکیة الفکریة لمصادر تلک المعلومات.

والسؤال هو: هل یمکن للإنسان أن یحوز لنفسه حق المعرفة والاطلاع علیها واستخدامها دون اللغة؟ وهل یمکن للعربیة أن تواجه هذا التحدى وتوفر لأبنائها المعارف والمعلومات وتتیحها لهم؟!

6- وحدة النظریة والتطبیق ووحدة المعرفة:

على الرغم من تشعب المعرفة وتعددها وتنوعها، إلا أنه یمکن النظر إلیها کوحدة متکاملة متصلة الأرکان؛ فالتقدم المعرفى الناتج عن مجموعة أبحاث ، أو اکتشافات علمیة فى مجال معرفى بعینه یساعد على إثراء المعارف والمعلومات فى مجالات أخرى، فعلى سبیل المثال: التقدم فى أبحاث النانو تکنولوجى قد ساعد على تطویر الأبحاث الطبیة؛ ومن ثم فوحدة المعرفة تطرح تحدیا فى مجتمع المعرفة هو إزالة الحواجز المصطنعة بین المجالات المعرفیة المختلفة، وتشجیع التعاون بین الباحثین فى هذه المجالات، والترکیز على المداخل البینیة فى تعلیم المجالات المعرفیة المختلفة، والربط بین الأبحاث العلمیة وسوق العمل، أى الاتجاه نحو تلازم المعرفة النظریة فى وحدتها مع التطبیق والإجراء والممارسة ، ففى مجتمع المعرفة تلاشت المسافات بین ماهو نظرى وماهو تطبیقى "فلقد فرض عصر المعلومات ضرورة تنمیة القدرة لدى أفراد المجتمع على تطبیق نتائج العلم والمعرفة وتحول قیاس التقدم من المعرفة إلى تطبیقاتها مما زاد من أهمیة اقتصادیات المعرفة والذى بموجبه یتم تحویل تلک المعارف إلى أدوات حیاتیة. فوزى رزق شحاتة" (2001 ص789). وهنا یبرز تساؤل بدهى وهو: هل تستطیع اللغة العربیة أن تستوعب المعرفة النظریة وأن تعبر عن کیفیة تطبیقها، وهل تمکن أبناءها من استیعاب النظر وفى ذات الوقت تقدرهم على تطبیقه؟

7- استثمار العقل:

وهو ما أشار إلیه (محمد سید أحمد 1995، 67) بأن الاستثمار تحول إلى مجالات العلم والمعرفة بدلاً من مجالات الصناعة والبناء والآلات، مما یعنى الاعتماد على العقل الإنسانى بدلاً من الاعتماد على الخامات والموارد الطبیعیة، فالموارد الطبیعیة ثروة هامدة کامنة، وما یحرکها ویستثمرها وینمیها هو العقل الإنسانى، إذن فبناء هذا العقل وتنمیته وتحدیثه وتعلیمه واستثماره وتعریفه أمر یعتبر من تحدیات مجتمع المعرفة لأى أمة، ولعلنا لا نبالغ عندما نقول إن العقل انسانى هو الفکر، والتفکیر واللغة هى أداة التفکیر، فعن طریقها یقوم الإنسان بالعملیات التفکیریة من تفسیر وتحلیل وموازنة وإدراک للعلاقات ، واستخراج للنتائج، وتجرید وتعمیم، ثم یصیب ناتج کل هذه العملیات عندما تمده اللغة بالرموز التى تحدد له المعنى وتحمل له الأفکار، ومن هنا تصبح اللغة منهج فکر، وطریقة نظر، وأسلوب تصویر، ولیست فقط رموزاً وقواعد . من هنا نجد أن من بین تحدیات استثمار العقل فقر اللغة وضیق الألفاظ ووضوح المعانى ودقة الدلالات، وکلها من أمور اللغة، فهل تستطیع اللغة العربیة أن تعبر هذا التحدى وتمکن الأمة من استثمار عقول أبنائها؟

8- تطور البحث العلمى:

یعتبر البحث العلمى سمة رئیسة من سمات مجتمع المعرفة، وفى الوقت نفسه یمثل أحد التحدیات التى یفرضها هذا المجتمع على المجتمع الإنسانى، والحدیث عن البحث العلمى فى مجتمع المعرفة حدیث عن العمود الفقرى لهذا المجتمع، والمصدر الأساسى للمعرفة، والوسیلة الرئیسة لاکتشافها وتوظیفها وتوطینها، فالبحث العلمى نشاط یقیم أتساقا معرفیة، ویکتشف معارف جدیدة، ویتوصل إلى قوانین وتعمیمات ومبادئ لتفسیر الظواهر والتنبؤ بها والتحکم فیها، وهو نشاط یقوم على الإحاطة والفحص والتحلیل والاستقصاء والتأمل واکتشاف العلاقات الخفیة، کما أنه نشاط –قبل ذلک وبعده- ینمى ثقافة المجتمع ویرقى بعلمیتها ویطورها ویحسنها ویجددها، وأحسب أن اللغة أداة کل هذا النشاط ووسیلته لینتقل من العقل إلى العمل ، ومن الفکر إلى التطبیق.

إن البحث العلمى هو أساس ما نعیشه من تقدم علمى وتکنولوجى ، وهو مفجر الثورة العلمیة والتقنیة التى نراها ملموسة ومکتوبة، وبالتالى نستطیع أن نقرر أن هذا التقدم العلمى التقنى وهذه الثورة المعرفیة هى نتاج العقل البشرى القائم بعملیات البحث، کما أنه محصلة للتفکیر الذى یعتمد على اللغة أداة له وفى ذات الوقت وسیلة لحمل ثمراته ، فالعلم إذن یصب فى النهایة ویصاغ فى لغة دقیقة قبل أن یتحول إلى تطبیق وممارسة فالفیزیائى والکیمیائى والریاضى ... الخ هؤلاء جمیعا فى حاجة إلى أن یتعرفوا العلاقات بین الظواهر، وإلى أن یوازنوا ویقارنوا ویحللوا ویستنتجوا، وأن یعملوا على إفهام الآخرین ما توصلوا إلیه من نتائج، وما أثبتوه من حقائق، وما أحسوا به من مشاعر تحیط بالعلم، فإذا لم تکن لدیهم لغة تمکنهم من التعبیر المنطقى بحیث یکون کل ما یقولونه بعیدا عن اللبس والغموض لما تحققت الفائدة، ذلک لأن من لا یحسن التعبیر لایتمکن من إفهام الآخرین فضلا عن أنه هو نفسه لایتمکن من أن یفهم (محمد أحمد الشریف وآخرون 1979 ،40) ونحن نعلم أن للعلوم خصائصها وأسالیب التفکیر والتعبیر الملائمة لها، ومنها الوضوح والدقة وملاحظة الوقائع وتدوینها وعرض الأفکار بتتابعها المنطقى واستناد بعضها إلى بعض، لذلک فقد استشعرت بعض الجامعات فى البلاد الصناعیة الحاجة إلى تدریب طلابها على ما تتطلبه العلوم المختلفة من أسالیب فى التفکیر والتعبیر اللغوى وذلک بعد اکتشافها تقصیر المتخرجین منها فى الفروع العلمیة والهندسیة فى حسن استعمال اللغة، ومن الکلمات المأثورة فى هذا التقصیر والذى یفهم منها أهمیة اللغة فى الثورة العلمیة قول الروائى الإنجلیزى (بارى) عند مطلع القرن العشرین (یبدو أن رجل العلم هو وحده الذى لدیه ما یقوله فى هذه المرحلة، ولکنه الرجل الوحید الذى لا یعرف کیف یعبر عما لدیه من أفکار) (محمود الناقة1977، 29) .

إن المعرفة بالعلم مضمونة، وتطبیقاته جزء مهم من تکوین شخصیة الإنسان ومن اکتسابه الخبرة، ووسیلة الفرد إلى هذه المعرفة هى اللغة التى تقدم له المعلومات والحقائق والنظریات التى تساعده على حل کثیر من مشکلاته، وتمکنه من تعرف التطورات العلمیة فى شتى المجالات التى یطالعنا بها العالم کل یوم متمثلا فى الجدید من الحقائق العلمیة والمکتشفات والمخترعات والنظریات، هذا وإن کان التقدم العلمى والانفجار المعرفى أکبر وأسرع من إمکانیة الإنسان إلا أن اللغة أتاحت له ذلک ومکنته منه.

ولا یحتاج الأمر أن نکرر أن العلم یتمثل فى قوانین وأسس ومبادئ ونظریات ومفاهیم وتعمیمات وهى کلها مما لا یمکن أن یتواجد إلا فى شکل صیاغات لغویة دقیقة ومحددة. وحتى فى تطبیقات العلم فإنها تقوم على مجموعة من التعلیمات والتوجیهات والإرشادات التى تحملها اللغة لکى یتبعها الفنیون والمطبقون ، وهکذا نجد أن اللغة وسیلة لتطویر العلم وأداة من أدوات تسجیله وحمله ونشره وتطبیقه، فإذا ضعفت اللغة وانهارت لم تعد قادرة على القیام بهذه الرسالة، فهل تستطیع العربیة القیام بدورها فى هذا المیدان وعبور هذا التحدى؟!!

9- شیوع استخدام شبکة المعلومات العالمیة وهیمنة اللغة الإنجلیزیة:

تحتل شبکة المعلومات العالمیة الآن -نتیجة لتطبیقات تکنولوجیا المعلومات- مکانة کبرى فى میدان الاتصال العلمى ونشر المعلومات والمعارف وتداولها، وهى تکاد تقوم بدور المرجع الرئیسى والموسوعة العلمیة البانورامیة لکل المعارف الإنسانیة بمجالاتها وأنواعها وأبعادها المتعددة والمختلفة، وهى بذلک تمثل ثورة تشمل جمیع مناحى الحیاة، محققة عبور الزمان والمکان وأنواع الجنس البشرى ومسمیاته وعقائده، وبهذا نجحت فى أن تکون أداة فعالة لتغییر وتطویر جمیع المجالات الأکادیمیة والعلمیة.

ولقد صاحب هذه الثورة العلمیة التکنولوجیة المتثلة فى الشبکة العالمیة هیمنة اللغة الإنجلیزیة، فنظراً لأن معظم الأبحاث والاکتشافات العلمیة فى وقتنا المعاصر قام بها علماء وباحثون معظمهم أوربیون وأمریکیون فقد سیطرت لغاتهم على التواصل المعرفى فى مجتمع المعرفة، من هنا سادت اللغات اللاتینیة وفى مقدمتها الإنجلیزیة وأصبحت لغة المعلومات والمعارف التى تکتب بها الأبحاث، وتسجل نتائج العلم وحقائقه، وتصاغ فى قوالبها وألفاظها المفاهیم الجدیدة والمصطلحات العلمیة، ومن نتائج کل ذلک أصبحت الإنجلیزیة – تقریبا- هى اللغة المستخدمة فى الشبکة العالمیة ، ومن ثم المؤتمرات العلمیة ، وشاع بین الکثیرین أمما وأفراداً أنها لغة العلم والتعلیم والتعلم، خاصة فى مجالات معرفیة ذات أهمیة خاصة مثل الطب والهندسة والعلوم التطبیقیة الأخرى، ووصل الأمر فى کثیر من الدول أن أصبحت الإنجلیزیة لغة تعلیم وتعلم، بل ولغة تواصل من حیث الإعلانات ومسمیات الهیئات والمؤسسات والمحلات واللافتات. ولعل هذا من التحدیات التى نعتقد أن اللغة العربیة قادرة على مجابهته والتغلب علیه.

10- اهتمام العرب بلغتهم:

من أکبر التحدیات التى تواجه اللغة العربیة فى مجتمع المعرفة قضیة : هل هناک قصور فى اللغة العربیة یجعل کل هذه التحدیات عقبات فى وجه اللغة العربیة لتعیش مجتمع المعرفة وتشارک فیه وتساهم ؟ أم أن القصور لیس فى اللغة –کما تدل الأدبیات العربیة والأجنبیة- وإنما فى أهلها ، وفى مدى اهتمامهم بلغتهم إغناء وإثراءً وتعلیما واستعمالاً فى میادین التعلیم والعلم والترجمة، وشعوراً بمکانتها وقدراتها ومیزاتها واعتزازاً بها وتمسکاً بتراثها واتساعها ودقتها؟ إنه لتحد حقیقى لأهل العربیة لأن یقوموا بمهامهم فى میدان تعریب العلوم والترجمة وتعریب التعلیم ... الخ ما ینبغى أن یقوم به العرب لجعل لغتهم – وهى قادرة على ذلک- لغة معتمدة فى مجتمع المعرفة مساهمة فیه أخذاً وعطاءً.

أمام کل هذه التحدیات تبرز الترجمة کتحد رئیس من تحدیات مجتمع المعرفة أمام الکثیر من لغات العالم ولعل على رأسها تأتى العربیة، فنتیجة للانفجار المعرفى والتقدم التکنولوجى الهائل فى جمیع مجالات الحیاة تتعاظم أهمیة الترجمة العلمیة، وتزداد هذه الأهمیة بالنسبة للعالم العربى لکونه متلقیا للمعرفة أکثر منه منتجا لها، وتزداد أهمیة تنشیط الترجمة إلى العربیة، ومع تضخم حجم النشر العلمى الذى ینمو بمعدلات متسارعة تعددت المصادر الأجنبیة للثقافة العلمیة وهو أمر یفرض علینا إعطاء الترجمة إلى العربیة اهتماماً زائداً لدورها الفاعل فى نهضتنا الثقافیة والعلمیة، ودورها الفاعل أیضا فى إثبات قدرة اللغة العربیة على استیعاب المعرفة والعلم والتعبیر عنهما والإضافة إلیهما.

وبعد، فقد عرضنا فى الصفحات السابقة بعضا من أهم تحدیات مجتمع المعرفة مما یمکن أن یجابه اللغة العربیة –وغیرها من لغات عدیدة- التى تتمثل فى الانفجار المعرفى، وسباق المعرفة، وصراع الثقافات، وحتمیة الإبداع، وحریة تداول المعلومات، ووحدة المعرفة ووحدة النظریة والتطبیق، واستثمار العقل، وتطور البحث العلمى، وشبکة المعلومات العالمیة واهتمام العرب بلغتهم، وبقى أن نعرض للمحات من الکیفیة التى تتخطى بها اللغة العربیة هذه التحدیات وتعبرها.

ثالثا: اللغة العربیة فى مواجهة تحدیات مجتمع المعرفة:

عند کتابة هذا الجزء من الدراسة وجدت أننى بصدد الاختیار بین أحد أمرین أو مدخلین للتناول: أحدهما وهو ما قد یخطر بالبال سریعا وهو أن آخذ کل تحدٍ من التحدیات التى عرضتها سابقا وأبین کیف للغة العربیة أن تواجهه، أما الثانى فهو أن أعرض مجملاً وبشکل عام هذه الکیفیة آخذاً فى الاعتبار ضرورة مراعاة التحدیات فى تشابکها أحیانا وتباینها أحیانا أخرى. ولقد وجدتنى أمیل إلى المزج بین المدخلین، أولاً لصعوبة التناول بالمدخل الأول، لأنه سیفرض الحدیث عن أمور قد تتکرر کثیراً فیما یتصل بکیفیة مواجهة التحدیات ویصبح هذا التکرار غیر مقبول، ثانیا لأن المدخل الثانى قد یحتاج إلى الإشارة إلى تحدیات بعینها، والوقوف وقفات خاصة ببعضها، وهو ما یسوغ العودة إلى المدخل الأول- على أیة حال لابد من الإشارة فى هذا السیاق إلى صعوبة الکتابة عن اللغة العربیة فى مواجهة تحدیات مجتمع المعرفة، ذلک لأن هذا موضوع متعدد الأبعاد، متشابک المکونات، واسع المدى یحتاج إلى صفحات موسوعیة ولیس ورقة من عدة صفحات، لذا أرجو أن یغفر لى القارئ هذا الطرح الکلى الموجز فى محاولة مختصرة لعرض موقع اللغة العربیة من تحدیات مجتمع المعرفة.

دعونا نقرر أولاً أن مجتمع المعرفة مجتمع قائم على الفکر والتفکیر، وناتج علمیته ومعرفیته وتکنولوجیته إنما یقوم على الفکر والتفکیر، ولیس هناک فکر أو تفکیر فى فراغ لغوى، إذ إن اللغة هى أداة التفکیر، کما أنها ثمرة من ثمراته، فعن طریق اللغة یقوم الإنسان بالعملیات التفکیریة، من تفسیر وتحلیل وموازنة وإدراک للعلاقات واستخراج للنتائج وتجرید وتعمیم، ثم یصب ناتج کل هذه العملیات عندما تمده اللغة بالرموز التى تحدد له المعانى وتحمل له الأفکار، فلکى یعبر الإنسان بوضوح لابد أن تکون الفکرة واضحة فى ذهنه وذلک لأن وضوح الفکرة فى ذهنه یؤدى إلى وضوح التعبیر عنها وکلا الأمرین –وضوح الفکرة فى الذهن ووضوح التعبیر عنها- عملیة تستند إلى اللغة، ولذلک نستطیع أن نقول إن اللغة هى التفکیر ویشیر "فانییر" إلى أن ما یؤثر فى أعماقنا بشکل غامض ومبهم لایستحق أن نطلق علیه اسم فکرة أو إحساس أو رغبة أو غایة قبل أن یتشکل فى لغتنا (محمود السید، بدون، 30) ولذلک فاللغة لیست رموزا ولا مواصفات فنیة فحسب، ولکنها فى الأساس منهج فکر وطریقة نظر وأسلوب تصویر، هى رؤیة متکاملة تمدها خبرة حضاریة متفردة ویرفدها تکوین نفسى ممیز، فالذى یتکلم لغة هو فى واقع الأمر یفکر بها، فهى تحمل فى کیانها تجارب أهلها وحکمتهم وخبرتهم وکلمتهم وبصیرتهم وفلسفتهم (خیر الدین حسیب 1982، 20) وهکذا نجد أن اللغة والفکر شىء واحد ، "فاللغة هى الفکر فى حالة العمل إذ لیس هناک فکر مجرد بغیر رموز لغویة، وبقدر ما تکون اللغة دقیقة وحیة ومبرأة من الفوضى یکون الفکر دقیقا وحیا ومبرأ من الفوضى (محمد المنجى الصیادى 1958، 1) ولذلک نجد أن من بین العقبات فى طریق التفکیر الفقر فى الألفاظ، فالإنسان لایستطیع أن یفکر تفکیراً کاملاً إذا لم یجد لفظا مناسبا لکل مدرک أو فکرة، إن عدد الکلمات التى یفهمها الشخص بوضوح فى أى میدان من میادین الفکر له دلالة على المدى الذى یستطیع أن یصل إلیه فى التفکیر فى هذا المیدان.

وهکذا نصل إلى أننا إذا أردنا أن نفهم الفکر والنتاج الفکرى فالواجب أن ندرس اللغة، ذلک لأن الفکر لیس سوى العبارة اللغویة التى نشیر بها إلى واقعة معینة من وقائع العلم، وهکذا أیضا نقول إن اللغة إذن أداة لنمو الوعى بالنفس من خلال ما سجل المجتمع من کتب تبحث تاریخه وجغرافیته واقتصاده وأدبه وقیمه ومثله وعقائده وأمجاده ومنجزاته وتطلعاته وآماله .... الخ ولعل الوعى بالنفس یکون الثقة والانتماء للثقافة ومن ثم المجتمع.

ولقد أثبتت اللغة العربیة أنها قادرة على التعبیر فى شتى الفنون والعلوم وأنها استوعبت کل ما نقل إلیها من علوم الأمم الأخرى فى الفلسفة وفى المنطق والطب والصیدلة والکیمیاء والریاضیات، کما حملت حرکات من الثقافة العربیة الإسلامیة ونهضتها الحضاریة إلى أوربا کالطب بآرائه ونظریاته ومناهجه العلمیة، والعلوم من ریاضیات وفلک وجغرافیة وکیمیاء وفیزاء وطب وصیدلة وصناعة ومخترعات ورحلات، سواء أکانت هذه الحرکات نابعة من الوطن العربى أم نقلتها وغذتها اللغة العربیة (محمد أحمد الشریف، 1979، 40).

فاللغة العربیة لغة واسعة ودقیقة، غنیة بمفرداتها، وغناها ودقتها یجعلانها قادرة على الوفاء بالمعانى والمفاهیم الدقیقة، حیة متطورة تواکب التغیرات الحضاریة ومطالب العصر، أى یجعلانها قادرة على أن تکون لغة لجمیع الأغراض بما فى ذلک العلوم الحدیثة، یقول زکى نجیب محمود: "إن اللغة العربیة ککل اللغات الغنیة الأخرى فیها الطاقة لأن تکتب بها العلوم کأدق مما تکون الکتابة العلمیة (زکى نجیب محمود 1987، 530) والدلیل على ذلک أن أوربا قد استفادت عبر التاریخ من المصطلحات العلمیة فى میادین العلم المختلفة، وأسهمت الحضارة العربیة فى نقل أفانین العلم إلى أوربا، بحیث إن بدایة عصر النهضة العلمیة فى أوربا إنما تمت على ما انتقل إلى الغرب من تراث الأمة العربیة، ومن نافلة القول الآن التدلیل على ذلک، فهو معروف ومشهور، إلى جانب ذلک أیضا نقول: "کیف تمکن العلماء الأجانب من نقل علومنا العربیة فى الطب والکیمیاء والریاضیات والجغرافیا... إلخ إلى لغاتهم ولا تتمکن لغتنا العربیة من استیعاب المصطلحات الأجنبیة؟ ألم یقم بعض المستشرقین بتدریس المواد العلمیة باللغة العربیة أمثال الدکتور (کرنیلیوس) الذى درس الکیمیاء والنبات والجیولوجیا والفلک والطبیعة بالعربیة وله فیها مؤلفات وأیضا فى الریاضیات والفلک (محمود السید، بدون، 37). وفى الوقت الحاضر "وباعتراف بعض الهیئات الدولیة فإن الطلبة الذین تلقوا علومهم الطبیة باللغة العربیة لایقلون مکانة عن خریجى الجامعات الأجنبیة، مما یؤکد أن اللغة العربیة لاتقل شأنا عن اللغة الإنجلیزیة فى قدرتها على التعبیر عما هو مطلوب (عبد الکریم خلیفة 1984، 142) کما ألف بها فى الطب کثیرون من أعضاء هیئة التدریس. ومع هذه القدرة للغة العربیة إلا أننا نرى فریقا ممن خطفت أبصارهم مظاهر المدنیة الغربیة دون لبابها رکنوا إلى مقولة مکذوبة، اخترعها الأعداء وروجوها فى البلدان العربیة والإسلامیة التى احتلوها، وأخذوا یغرسونها فى عقول الأجیال المتلاحقة من شباب الأمة، تلک المقولة المکذوبة، هى أن العربیة إن صلحت أن تکون لغة فقه وأدب وشعر فإنها لاتصلح أن تکون لغة علم أو لغة طب أو لغة صناعة أو تجارة، لافتقارها إلى الألفاظ العلمیة والتعابیر الدقیقة التى تتطلبها العلوم الحدیثة وتستلزمها التکنولوجیا المعاصرة. (کارم السید غنیم 1989، 37) ولذلک فإن هذه المقولة الکاذبة إنما ترجع إلى أمر من أمرین: "إما جهل قبیح بتاریخ هذه الأمة، وما أنتج فیها وأبدع من أنواع العلوم، مما فتح الطریق- کما ذکرنا- أمام النهضة الأوروبیة الحدیثة، وأن الحضارة المعاصرة حضارة الثورة العلمیة التکنولوجیة هى الحصاد التاریخى للعطاء العربى، وإما عدوان صریح على هذه الثقافة الإنسانیة التى تملک تراثا لم یکد یتاح للغة غیرها لا حجما ولا کیفا ولا تنوعا (محى الدین صابر 1982، 77) وخطورة هذه المقولة لاتتهدد اللغة العربیة فى ذاتها وإنما تتمثل فى انهزام أبنائها نفسیا أمام الزحف اللغوى الأجنبى واستسلامهم فى مجال العلوم للغات الأجنبیة بحیث تکونت فى العالم العربى جبهة عنیدة تجاهد للإبقاء على العربیة بمعزل عن مجال العلوم والتکنولوجیا قناعة بعلاقة هشة مع لغة الحضارة، فمادامت صفوة المشتغلین بالعلوم تعرف الإنجلیزیة فلا بأس من عزلة العربیة بل وقتلها. (کارم السید غنیم 1989، 41) ولقد أوحى هؤلاء للطلاب وأولیاء أمورهم بأن العربیة لاتصلح لدراسة العلوم. یحکى أحدهم –أحد من تناولوا هذه القضیة- واقعة تؤکد هذا السیاق فیقول: "وإنى لأذکر أنى رأیت أحدا فى الکویت، وهو رجل متعلم، فأخبرنى أنه ذاهب إلى العراق لیصحب ابنته ویعود بها من هناک بعد أن قبلت فى الکلیة الطبیة، وبلغه أن التدریس فیها بالعربیة بحسب قرار الحکومة العراقیة فقلت له: ولم تفعل ذلک؟ فأجاب أنه یرى أن لا سبیل إلى أن تعطى العلوم الطبیة بالعربیة، وأنه لابد من لغة إنجلیزیة! من أجل ذلک عمد إلى التوجه بابنته إلى إحدى الجامعات الأجنبیة فى الوطن العربى کبیروت مثلا. (إبراهیم السمرائى 1982، 432).

وفى هذا السیاق لابد أن نشعر بقوة التحدى الذى یمثله انتشار الإنجلیزیة وهیمنتها مما أشرنا إلیه سابقا ویشیر إلیه (ولید عنانى 2004، 1- 4) من أن کثیراً من التشریعات الحکومیة فى البلاد العربیة کفلت موقعا للغة الإنجلیزیة من حیث عدها اللغة الأجنبیة الأولى فى النظم التشریعیة، هذا بالإضافة إلى شیوع تعلیمها فى ریاض الأطفال، واستخدامها لغة رئیسة فى التعلیم الجامعى ولاسیما فى العلوم الطبیعیة والطبیة والهندسیة والحاسوب والعلوم الإداریة والسیاسیة والاقتصادیة، واستخدامها لغة تعلیم فى کثیر من المدارس الخاصة لتدریس جمیع المقررات الدراسیة، واعتمادها لغة رسمیة فى المعاملات التجاریة القانونیة التى تنفذها الدولة والشرکات والمؤسسات العامة والخاصة، ومع الزیادة المضطردة بالملایین للمستخدمین العرب بشبکات الانترنت، ومواقع التواصل الاجتماعى مثل (الفیس بوک وتویتر) وما یستتبعه ذلک من اتساع مساحة التواصل بالإنجلیزیة وانحسار رهیب لاستخدام العربیة، نشعر بدونیة العربیة، ونحس بالتخریب، وباتهام العربیة بالقصور فى میدان العلم والتعلیم، وهذا یعیدنا إلى ما یعرف بالباء المدمرة، ففرق بین تعلم الإنجلیزیة والتعلم بها.

ولقد شهد الآخرون على قدرة اللغة العربیة على أن تکون لغة علم، وأن لها من الخصائص ما یجعلها مؤهلة لحمل کل أنواع إنتاج العقل البشرى فى تطوره المعرفى، أتذکر فى هذا السیاق مقولات عدة جاءت فى ثنایا حدیث المستشرقین عن اللغة العربیة فها هو الفرنسى رینان یؤکد أن اللغة العربیة فاقت لغات عدیدة بکثرة مفرداتها، ودقة معانیها، وحسن نظام بیانها، ویذکر جوستاف جرونیبام أن اللغة العربیة لغة تفوق اللغات قوة وبیانا وسعة، وهى مع هذه السعة أخصر اللغات فى إیصال المعنى وفى النقل إلیها، کما یذکر الألمانى نولدکة أن اللغة العربیة تمتاز بوفرة المفردات وقوة التعبیر عن المعنى بدقة لأنها ترمز للفرق الدقیق فى المعنى بکلمة خاصة، وهى بهذا لغة لشئون الحیاة الرفیعة، ومن ثم لغة المعاملات والعلوم. أما ماسینون فیقول: استطاعت العربیة أن تعبر عن أدق خلجات الفکر سواء کان ذلک فى الاکتشافات العلمیة والحسابیة أو وصف المشاهدات (التعبیر عن الملاحظة العلمیة) أو خیالات النفس وأسرارها، وهى اللغة التى أدخلت فى الغرب طریقة التعبیر العلمى، وهى تعتبر من أنقى اللغات، فقد انفردت بتفردها فى طرق التعبیر العلمى والفنى. ولقد أشار ماریوبل مؤلف کتاب (قصة اللغات) إلى أن اللغة العربیة هى اللغة العالمیة فى حضارة العصور الوسطى، وکانت رافداً عظیماً للإنجلیزیة فى نهضتها وکثیر من اللغات الأوربیة، وقد أورد قاموس littre قوائم بما اقتبسته هذه اللغات عن مفردات عربیة تقدر بالآلاف. أما المستشرق اللمانى فربناغ فیذکر أن لغة العرب لیست فقط أغنى لغات العالم فحسب، بل إن الذین نبغوا فى التألیف بها لایکاد یأتى علیهم العد.

خلاصة القول إن اللغة العربیة لیست بعاجزة عن استیعاب المعارف المعاصرة، وأثبتت قدرتها وجدارتها فى بعض الجامعات العربیة مثل الجامعات السوریة وغیرها على تمثل العلوم المعاصرة، کما أنها مازالت وستظل تحمل معها وسائلها المختلفة التى تمکنها من النهوض والرقى والاتساع، وتؤهلها للوصول إلى مکانة لائقة لغة دولیة عالمیة للتواصل، ومن أهم هذه الوسائل والخصائص الاشتقاق والنحت والاقتراض والقیاس.

وحیث إن اللغة العربیة تتمیز بهذه الخصائص التى تمکنها من بلوغ مکانتها اللائقة، فإننا نقول کما قال نبیل على (نبیل على ونادیة حجازى 2005، 311) لاعاصم الیوم إلا لغة عربیة متطورة، ولن یتحقق ذلک إلا من خلال مواجهات صریحة وواضحة وعلمیة وحاسمة تجاه کثیر من القضایا اللغویة مثل ازداوجیة الفصحى والعامیة، وتعریب التعلیم، واستخدام اللغات الأجنبیة فى التعلیم، وأزمة تعلیم العربیة لأبنائها وللناطقین بغیرها.

وبالرغم من المواجهات الصریحة والواضحة التى یرى نبیل على ضرورتها إلا أنه فى ذات الوقت یفتح أمامنا الباب للنجاح فى هذه المواجهات حیث یقرر ویشیر إلى ما حققته اللغة العربیة فى میدان تکنولوجیا نظم المعلومات فیقول (نبیل على- نادیة حجازى سنة 2005، 358) "إن ما حققته اللغة العربیة من نجاح فى المعالجة الآلیة هو نجاح تکنولوجى اقتصادى ملحوظ، فعلى مستوى الحرف ثم تطویر نظم تشغیل ثنائیة اللغة (إنجلیزیة وعربیة) وعربت نظم الکمبیوتر والمعلومات، حیث ظهرت وحدات للإدخال والإخراج تتعامل مع اللغة العربیة مثل لوحات المفاتیح، والطابعات، وشاشات العروض، وتطویر برامج لتنسیق الکلمات (W P) وبرنامج لقراءة النصوص العربیة آلیا باستخدام المسح الضوئى للحروف".

"وعلى مستوى الکلمة طور معالج صرفى آلى قادر على تحلیل أیة کلمة عربیة إلى عناصرها الاشتقاقیة والتصریفیة، وتفکیکها من اللواحق والسوابق، ثم تحلیل ساق الکلمة إلى الجذر، وتولید الکلمات النهائیة من هذه العناصر الأولیة، ولقد مکن ذلک من تحقیق إنجازات مهمة تشمل نظم اکتشاف الأخطاء الهجائیة، ونظم البحث فى النصوص العربیة على أساس صرفى".

"وعلى مستوى الجملة طور نظام آلى لإعراب الجملة العربیة، ولقد مکن هذا من تطویر نظام آلى لتشکیل الجملة العربیة تلقائیا ، کما مکن من تطویر برامج تحویل النصوص العربیة إلى مقابلها المنطوق بعد أن توافرت أداة عملیة لتشکیل هذه النصوص آلیا والذى یتعذر دونه نطق الکلمات العربیة، ومهد نظام الإعراب الآلى للدخول فى عدة مجالات متقدمة لتکنولوجیا اللغة ومنها نظم الترجمة الآلیة".

ومن المجهودات المبذولة لإثبات أن اللغة العربیة لغة علم ومعرفة، ولغة معتمدة فى مجتمع المعرفة تستقبل وتنتج، ما تقوم به مجامع اللغة العربیة والمجامع العلمیة أینما وجدت فى العالم العربى من تعریب للمصطلحات فى شتى میادین العلوم والمعرفة الإنسانیة، فقد أنتجت العدید من المعاجم وعربت آلاف المصطلحات ونحتت مثلها، وکل یوم تثبت هذه المجامع بالدلیل القاطع أن العربیة لغة تستطیع أن تستوعب کل مصطلحات العلم ومفاهیمه لفظا ومعنى، وبهذا تعلن عن قدرتها على أن یکتب بها العلم ، ویسجل البحث العلمى، وأن مفرداتها وتراکیبها وأسالیبها وتعبیراتها قادرة على ذلک، الأمر یحتاج فقط لأن یفعل ذلک أهلها، فاللغة العربیة لیست قاصرة وإن کان هناک قصور فهو فى أبنائها.

وفى الإشارة إلى الترجمة کتحد من تحدیات مجتمع المعرفة یذکر نبیل على ضرورة الاهتمام بالترجمة إلى العربیة، وتنشیطها، على أن یتم ترشید عملیة اختیار وانتقاء الأعمال المترجمة حیث حدد مجموعة من الأسس العامة لذلک منها: (نبیل على- نادیة حجازى 2005 ، 375-380):

-       التغطیة الموضوعیة المتوازنة للفروع العلمیة المختلفة بحیث تشمل العلوم الأساسیة والطبیعیة والإنسانیة وکذا الفنون وعلم الجمال.

-       الترکیز على التطبیقات التکنولوجیة المحوریة، وتشمل النانوتکنولوجى والتکنولوجیا الحیویة وتکنولوجیا الزراعة والطب والدواء والتعلیم والإعلام ......الخ.

-       تغطیة الأجناس المختلفة لخطاب الثقافة العلمیة التى تشمل تاریخ العلم وفلسفته وسیر العلماء، وعرض المضمون المعرفى للفروع العلمیة المختلفة لأهم الاکتشافات والإنجازات العلمیة والخیال العلمى والأبعاد الاجتماعیة والأخلاقیة والبیئیة للعلم والتکنولوجیا.

-       التکامل المعرفى الذى یفرض عدم النظر إلى الخریطة المعرفیة الإنسانیة بوصفها مجموعة من الجزر المنعزلة، بعد أن سقطت کثیر من الحواجز التى کانت تفصل فى الماضى بین علوم الطبیعیات وعلوم الإنسانیات من جانب، وبین العلوم والفنون الأخرى من جانب آخر.

-       الترکیز على الترجمة من الإنجلیزیة إلى العربیة، حیث إن معظم المصادر العلمیة تنتشر باللغة الإنجلیزیة، ولکن ذلک لایعنى إغفال اللغات الأجنبیة الأخرى نظراً للمساهمة الضخمة للفکر الفرنسى فى مجال علوم الإنسانیات والفکر الألمانى والیابانى والصینى فى مجال الإنجازات التکنولوجیة.

-       الترکیز الشدید على تعریب المصطلحات العلمیة فى شتى میادین المعرفة الإنسانیة بدون استثناء، مع إثراء اللغة بنحت وصیاغة مصطلحات جدیدة قادرة على حمل المضمون العلمى.

وفى الإشارة إلى البحث العلمى واللغة العربیة نجد أن هناک اتهاما للبحوث العلمیة العربیة فى شتى مجالات العلم ومیادینه- باستثناء ما یکتب بالإنجلیزیة وغیرها من اللغات الأجنبیة- بضعف اللغة ورکاکتها من حیث الوضوح والترابط وسلامة الصیاغة واکتمال المعنى ووضوحه، بالإضافة إلى کثرة الأخطاء النحویة والهجائیة، واختفاء علامات الترقیم، إلى آخر ما یجعل لغة البحوث لغة لاتصلح للتعبیر عن شىء فما بالنا بالتعبیر عن العلم!!

ولعل هذا یقتضى العنایة بترقیة لغة الباحثین، وعقد دورات لغویة تدربهم على کیفیة الکتابة بشکل عام والکتابة العلمیة المنهجیة بشکل خاص ، وأن یکون مدخل الشیوع ومدخل الأخطاء الشائعة من أهم المداخل التى تستند إلیها عملیة ترقیة لغة الباحثین وتدریبهم.

ومما ینبغى الالتفات إلیه تنقیة الأسلوب العربى من استخدام تعبیرات لاتصلح للبحث العلمى ولاتستخدمها اللغات الأخرى، والتأکید على عدم استخدام تعبیرات مثل [فى الحقیقة- مما لاشک فیه- من المسلم به- من المتفق علیه- مما اتفق علیه- بدون شک- أمر مقطوع به- أمر مدهش- رائع- الإلمام بـ- الوقوف على- النظر إلیه بعین الاعتبار- نأخذه فى حساباتنا- نأخذه فى حسباننا- ومن ناقلة القول- حبذا لو فعلنا- لا یأتیه الباطل- یطلع على- یجرى مسحاً- نفصل القول- القول الفصل- نقدم لمحة موجزة- نعرض نبذة مختصرة- فى ضوء ما سبق- نلقى الضوء على- لاجدال فى ذلک ... الخ).

وفى هذا السیاق لابد أن نشیر إلى شىء شدید الأهمیة وهو أنه عندما یجد العربى لغته وقد اصبحت لغة فاعلة فى مجتمع المعرفة لأنها مهیأة لذلک وقادرة علیه، فتسرى فیه الروح العلمیة، وما یترتب علیها من المواقف والاتجاهات، ولتصبح هذه الروح جانبا مهما من ثقافة العامة ومن أنماطها السلوکیة الواقعیة، وخیر ما نقف به فى مواجهة تحدیات الثورة العلمیة التقنیة، ولعل هذه الروح تساعد على تحدیث العقل العربى بجملته وتمکینه من استیعاب روح العصر مجردة من عیوبها وسلبیاتها (محمود السید، بدون، ص30) .

ولعل طریقنا إلى تحدیث العقل العربى، ووسیلتنا إلى المنهجیة العقلانیة، وأداتنا لمجابهة تحدى الثورة العلمیة التکنولوجیة یتمثل فى المناهج الدراسیة وأداتها اللغة العربیة حیث تهدف التربیة – وأداتها کما ذکرنا اللغة العربیة – إلى ترسیخ العلم فى المتعلمین منهجاً ومحتوى وفکراً وتطبیقاً، والمیدان یزدحم بالأدبیات حول الدور الذى ینبغى أن یقوم به تعلیم اللغة العربیة .

ولقد أظهر تقریر التنمیة الانسانیة العربیة (2003) أن اللغة العربیة مهیأة لتقوم بدور فاعل فى بناء مجتمع معرفة عربى، یستقبل المعرفة وینتهجها بالعربیة، مع تزاید أهمیة التعبیر اللغوى فى ثقافة المعلومات والاتصالات، خاصة مع انتشار الإنترنت، الذى یمکن أن یفضى إلى أن تصبح اللغة العربیة من أهم مقومات التکتل المعلوماتى (تقریر التنمیة الإنسانیة العربیة 2003 ،121).

 

توجهات وتوصیات

فى ضوء هذه الصفحات القلیلة والعجولة وما تضمنته من رؤى وأفکار حول اللغة العربیة فى مجتمع المعرفة، نتقدم بمجموعة من التوجهات والتوصیات علها تکون رأس جسر علمى للعبور باللغة العربیة لتأخذ مکانها اللائق بها فى مجتمع المعرفة. من هذه التوجهات والتوصیات ما یلى:-

1-          قیام المجامع اللغویة وکل الهیئات والمؤسسات والمنظمات المدنیة والحکومیة المهتمة باللغة العربیة، تنمیة وحفاظا وتعلیما، بالتخطیط لسیاسة لغویة یلتزم بها الجمیع سعیا نحو الارتقاء باللغة العربیة لغة لمجتمع المعرفة.

2-          الاهتمام بالبحث العلمى الجاد فى میدان الدراسات اللغویة للغة العربیة بشتى أبعادها الصوتیة والصرفیة والترکیبیة والدلالیة نظریا وتطبیقیا ، وفى میدان دراسات تعلیمها بمختلف مکوناتها أهدافا ومحتوى ونشاطا وتدریساً وتقویماً.

3-          العمل على نشر مجهودات المجامع اللغویة العربیة وتداولها وتوظیفها، متمثلة فى المعاجم اللغویة، والمعاجم المتصلة بشرائح المعرفة الإنسانیة، ودراسات الأسالیب والألفاظ وغیرها.

4-          إنشاء مرکز عربى دولى لتطویر تعلیم اللغة العربیة لأبنائها وللناطقین بغیرها، یکون مرکزاً فعالاً فى بنیته ومرتکزات عمله وتطبیقاته، وقواه البشریة، وهذه الأخیرة ینبغى أن تختار من صفوة القادرین على التجوید والتطویر والتجدید فى میدان تعلیم اللغة العربیة لأبنائها وللناطقین بغیرها لغویا وتعلیمیا . وأقترح أن یکون من مهام المرکز ما یلى:

  • تبنى الدعوات والمداخل العلمیة والتصورات الجدیدة فى تعلیم اللغة العربیة، وتحویلها إلى واقع تجریبى، ثم إلى واقع تعمیمى؛ أى الاتجاه نحو تجدید وتجوید تعلیم اللغة العربیة بشکل شامل.
  • دراسة ما یمکن عمله إزاء جعل لغة التدریس فى کل المواد فى البلاد العربیة هى اللغة العربیة الفصیحة، فمن ذلک النظر فى خطة قومیة لإعادة تأهیل جمیع المعلمین تأهیلا لغویا مناسبا بالقدر الذى یسمح به الوقت، وتسمح به القدرات والإمکانیات المالیة، وذلک حتى یمکن وضع خطة قومیة موازیة لتأهیل الطلاب المعلمن قبل تخرجهم، وتبصیرهم بأساسیات لغتهم العربیة، کى یصیر تعبیرهم عن حقائق موادهم إلى وضوح ودقة ونظام ومنهجیة، ولقد عبرت استراتیجیة تطویر التربیة العربیة عن ذلک بقولها: (المبادرة فى أسرع وقت ممکن إلى اتخاذ التدابیر والوسائل الکفیلة باستعمال اللغة العربیة لغة تدریس فى جمیع مراحل التعلیم) (محمد أحمد الشریف 1979،331).
  • إعادة النظر على المستوى العربى فى إعداد معلم اللغة العربیة  من حیث: الإعداد التخصصى والإعداد المهنى، وتزویده بالمداخل الجدیدة وتبصیره بفنیات التدریس الحدیثة، وتدریبه تدریباً فعلیاً على تبنى المداخل والفنیات الجدیدة، بحیث یکون قادراً على إستیعاب فلسفاتها من جهة، وتطبیقها من جهة أخرى، وینبغى أن نشیر هنا إلى ضرورة إدخال التقنیات الحدیثة مثل العقول الإلکترونیة فى هذا المجال.
  • العمل على وضع خطة ثقافیة تبصر أجیالنا بقدر لغتهم وعزتها وقدسیتها، وأن فى تعلمها وإتقانها فخراً شخصیاً، ومکسباً روحیاً کبیراً، وربحاً مادیاً لایضارع، وأنها دائماً عنوان الشخصیة ومکون أساسىّ لها، وذلک حتى یمکن أن تشیع روح الاعتزاز باللغة العربیة، وتقدیرها والتمسک بها، والإقبال على تعلمها، وإدراک ما یوجه إلیها من سهام الهدم، والدفاع عنها بروح وطنیة وولاء.
  • إجراء الدراسات والبحوث اللغویة والتربویة التى تهدف إلى تطویر مناهج تعلیم اللغة العربیة، وتطبیق التجارب فى تدریسها بدءاً من مرحلة الحضانة وحتى الانتهاء من التعلیم الجامعى، وهذا ما اشارت إلیه استراتیجیة تطویر التربیة العربیة حیث أوصت بضرورة :"تطویر طرق تدریس اللغة العربیة وتعلمها بالمدارس، وهذا یتطلب إجراء بحوث ودراسات واسعة ومستمرة لتیسیر اللغة على أبنائها، ولتوحید معانى الکلمات والمصطلحات بین البیئات العربیة المختلفة، ولتمکین الناشئین من استیعابها فى سهولة" (محمد أحمد الشریف 1979، 334) .
  • ربط الجهود المبذولة فى تطویر تعلیم اللغة العربیة من وزارات التربیة ومراکز البحوث التربویة وکلیات التربیة والمجامع اللغویة، وروابط وجمعیات المعلمین بعضها ببعض، واعتماد الناجح منها وتدعیمه وتعمیمه.
  • حشد الکفایات البشریة من أساتذة وخبراء وباحثین ومعلمین، ممن یمکن إذا وفرنا لهم الجو العلمى والإمکانات المادیة والبحثیة أن یوجهوا کل طاقاتهم وفکرهم وبشکل کامل ومستمر للمتابعة الدائمة لتعلیم اللغة العربیة، وتصحیح مسار هذا التعلیم وتطویره وتجدیده وتجویده.
  • دراسة المشکلات الناجمة عن الازدواج اللغوى بین الفصیحة والعامیة فى تعلیم اللغة العربیة، مما یؤدى إلى تیسیر تعلیم الفصحى واستخدامها، وذلک ما أشارت إلیه استراتیجیة تطویر التربیة العربیة فیما یلى:-

‌أ-       حصر الثروة اللغویة بین الطلاب فى مختلف المراحل والمستویات، ونقدها وبیان نواحى القوة ونواحى الضعف فیها، والسعى لردها إلى الفصحى وإلى دلالات مفاهیمیها، ومدى غناها وملاءمتها لمستویات المتعلمین.

‌ب-   إعادة تنظیم تلک الثروة بتنقیتها من العامیة وردها إلى الفصیحة وإغنائها بمفردات جدیدة ، واضحة وسهلة، وبإخضاع دلالات مفاهیمها لمستویات النمو العقلى.

‌ج-    دراسة اللغة العربیة فى ضوء العلوم اللسانیة الحدیثة إبرازا لمزایاها وحیویتها من ناحیة، وتیسیرا لتعلیم أصولها وقواعدها من ناحیة ثانیة.

‌د-      القیام بدراسة تقویمیة شاملة ناقدة جادة تستوفى کل جوانب عملیة تعلیم اللغة العربیة وعناصرها ومکوناتها، بدءاً من مرحلة ما قبل المدرسة الابتدائیة وانتهاء بنهایة المرحلة الثانویة، بحیث نشخص علمیاً کل أمراض الواقع، فضلا عن دراسة تقویمیة لما تم فى میدان مناهج وتدریس اللغة العربیة من دراسات وبحوث علمیة على مستوى العالم العربى، مع الترکیز على نتائج هذه البحوث وتوصیاتها، وفى ضوء هاتین الدراستین التقویمتین یمکن اتخاذ القرارات السلیمة بصدد إعادة النظر فى تعلیم اللغة العربیة، أهدافا ومحتوى ونشاطا وطریقة ومعلما وتقویما وتطویرا.

5-          ویورد ولید عنانى مجموعة من المقترحات یرى أنه من خلالها یمکن ترقیة اللغة العربیة لتکون لغة للمعرفة استیعابا ونشراً وتوثیقا وحفظا وتولیداً وتوظیفاً، أرى أن أوردها کما جاءت عنده (ولید عنانى سنة 2004 ، 4-5).

-       إبطال الشبهات المثارة حول اللغة العربیة المتمثلة فى فضل العامیة على الفصحى، وعدم علمیة اللغة العربیة، وصعوبة الکتابة العربیة وتعقیدها، وتخلف العربیة عن مطاوعة الحاسوب .

-       تهیئة العربیة لبناء مجتمع المعرفة من خلال تعریب الحاسوب، ومنزلته فى دعم اللغة العربیة، وترقیة الدراسات اللسانیة العربیة، واللسانیات الحاسوبیة العربیة، وتعلیم اللغة العربیة لأغراض خاصة، وتطویر تعلیم اللغة العربیة ومهاراتها.

-       إبراز منزلة اللغة العربیة فى بناء مجتمع المعرفة العربى المتمثلة فى قدرتها على النفاذ إلى مصادر المعرفة ونقلها واستیعابها، ونشرها وتوثیقها وحفظها وتوظیفها وتولیدها.

-       الإهتمام باللسانیات الحاسوبیة العربیة والربط بین تقدم اللسانیات الحاسوبیة العربیة ومنجزاتها وتقدم العربیة وتهیئتها لمستقبل أفضل، وتعریب الحاسوب وملحقاته ومعداته سیکفل توفیر برامج عربیة صالحة للمجتمع العربى، مما یسهم فى تحطیم احتکار الإنجلیزیة للحاسوب وهذا یؤدى إلى أن یکون کل مجتمع عربى یعـرف الإنجلیزیة أو
لا یعرفها قادراً على استعمال الحاسوب، وبذلک توطن المعرفة الحاسوبیة فى بیئة عربیة خالصة وهى أولى خطوات بناء مجتمع المعرفة المنشود.

-       الاهتمام بالنشر الإلکترونى باللغة العربیة لأن المعلوم أن الإنجلیزیة هى اللغة الأکثر انتشاراً واستخداماً على الشبکة الدولیة فلابد من توسع البلاد العربیة فى النشر الإلکترونى وتطبیقاته المتعددة.

-       العمل على نشر اللغة العربیة فى الخارج من خلال افتتاح المدارس العربیة التى تعتنى بتدریس العربیة والثقافیة الإسلامیة لتعلیمها لأبناء الجالیات العربیة المسلمة وشدهم نحو التراث الذى تحمله العربیة من خلال تقدیم المنح للطلاب الراغبین فى تعلم العربیة.

-       التخطیط اللغوى السلیم من خلال وجود سیسات لغویة عربیة تسهم فى حل کثیر من القضایا اللغویة المتعلقة بالمجتمع العربى، ومن أهم الأمور التى یجب دراستها للتخطیط اللغوى: الازدواجیة اللغویة والتحول نحو الفصحى، وتعریب التعلیم ولاسیما فى الکلیات العلمیة والطبیة، والترجمة ووضع سیاسات ترفع من شأن الترجمة فى نقل المعرفة وتأهیل المترجمین، وکذلک تعلیم اللغات الأجنبیة بالإضافة إلى تعلیم اللغة العربیة للناطقین بغیرها.

-       الاهتمام بدعم منزلة اللغة العربیة وترقیتها عالمیاً من الوجهة الاقتصادیة من خلال: اشتراط إتقان اللغة العربیة للعمالة الوافدة إلى البلدان العربیة، وافتتاح مراکز ثقافیة فى السفارات العربیة لتقدم دورات تدریبیة وتعلیمیة باللغة العربیة للخبراء والمتخصصین الراغبین فى العمل فى الوطن العربى مدفوعة الأجر، وکذلک اشتراط ترجمة کل ما یکتب على البضائع المستوردة إلى اللغة العربیة.

وفى الختام أقول: أرجو أن أکون قد وفقت فى عبور المحیط اللجى بقارب مطاطى.

والله ولى التوفیق

المراجـــــع

1- إبراهیم السمرائى (1982): تعریب الوسائل وتیسیر تعلم العربیة، التعریب ودوره فى تدعیم الوجود العربى والوحدة العربیة، بحوث ومناقشات الندوة الفکریة التى نظمها مرکز دراسات الوحدة العربیة، بیروت.

1- خیر الدین حسیب (1982): کلمة الافتتاح، التعریب ودوره فى تدعیم الوجود العربى والوحدة العربیة، "بحوث ومناقشات الندورة الفکریة التى نظمها مرکز دراسات الوحدة العربیة" ، بیروت.

2- زکى نجیب محمود (1987): تجدید الفکر العربى، ط8 ، دار الشروق ، القاهرة.

3- عبد الکریم خلیفة (1984) : دور المجامع اللغویة فى الحیاة العلمیة العربیة المعاصرة، الموسم الثقافى الثانى، مجمع اللغة العربیة، الأردن.

4- فوزى رزق شحاتة (2001): استراتیجیة تطویر نظام البحث التربوى المصرى فى ضوء متطلبات عصر المعلومات، القاهرة، المرکز القومى للبحوث التربویة والتنمیة.

5- کارم السید غنیم (1989): اللغة العربیة والنهضة العلمیة المنشودة فى عالمنا الإسلامى ، مجلة عالم الفکر، المجلد (19)، العدد الرابع، مارس، القاهرة.

6- محمد أحمد الشریف وآخرون (1979): استراتیجیة التربیة العربیة، المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم جـ1.

7- محمد سید أحمد (1995): حول إشکالیة الازدواجیة (شمال وجنوب)، ورقة عمل، المستقبل العربى ، جـ18.

8- محمد المنجى الصیادى (1982): التعریب فى الوطن العربى، التعریب ودوره فى تدعیم الوجود العربى والوحدة العربیة ، مرجع سابق.

9- محمود أحمد السید (بدون): فى قضایا اللغة العربیة، الکویت، وکالة المطبوعات.

10- محمود کامل الناقة (1977): أساسیات تعلیم اللغة العربیة، دار الثقافة، القاهرة.

11- محى الدین صابر (1982): الأبعاد الحضاریة للتعریب ، التعریب ودوره فى تدعیم الوجود العربى، مرجع سابق.

12- ولید عنانى (2004): العولمة اللغویة، مجلة البصائر، العدد الثانى، جامعة البتراء، الأردن.

 



[1]أستاذ المناهج والتدریس بجامعه عین شمس- رئیس الجمعیة المصریة للمناهج والتدریس- عضو مجمع اللغة العربیة بالقاهرة

المراجـــــع
1- إبراهیم السمرائى (1982): تعریب الوسائل وتیسیر تعلم العربیة، التعریب ودوره فى تدعیم الوجود العربى والوحدة العربیة، بحوث ومناقشات الندوة الفکریة التى نظمها مرکز دراسات الوحدة العربیة، بیروت.
1- خیر الدین حسیب (1982): کلمة الافتتاح، التعریب ودوره فى تدعیم الوجود العربى والوحدة العربیة، "بحوث ومناقشات الندورة الفکریة التى نظمها مرکز دراسات الوحدة العربیة" ، بیروت.
2- زکى نجیب محمود (1987): تجدید الفکر العربى، ط8 ، دار الشروق ، القاهرة.
3- عبد الکریم خلیفة (1984) : دور المجامع اللغویة فى الحیاة العلمیة العربیة المعاصرة، الموسم الثقافى الثانى، مجمع اللغة العربیة، الأردن.
4- فوزى رزق شحاتة (2001): استراتیجیة تطویر نظام البحث التربوى المصرى فى ضوء متطلبات عصر المعلومات، القاهرة، المرکز القومى للبحوث التربویة والتنمیة.
5- کارم السید غنیم (1989): اللغة العربیة والنهضة العلمیة المنشودة فى عالمنا الإسلامى ، مجلة عالم الفکر، المجلد (19)، العدد الرابع، مارس، القاهرة.
6- محمد أحمد الشریف وآخرون (1979): استراتیجیة التربیة العربیة، المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم جـ1.
7- محمد سید أحمد (1995): حول إشکالیة الازدواجیة (شمال وجنوب)، ورقة عمل، المستقبل العربى ، جـ18.
8- محمد المنجى الصیادى (1982): التعریب فى الوطن العربى، التعریب ودوره فى تدعیم الوجود العربى والوحدة العربیة ، مرجع سابق.
9- محمود أحمد السید (بدون): فى قضایا اللغة العربیة، الکویت، وکالة المطبوعات.
10- محمود کامل الناقة (1977): أساسیات تعلیم اللغة العربیة، دار الثقافة، القاهرة.
11- محى الدین صابر (1982): الأبعاد الحضاریة للتعریب ، التعریب ودوره فى تدعیم الوجود العربى، مرجع سابق.
12- ولید عنانى (2004): العولمة اللغویة، مجلة البصائر، العدد الثانى، جامعة البتراء، الأردن.